الاضطراب المصطنع: أزمة العصر (مقدمة)

672

إن كثيرا من الاضطرابات النفسية ظهر عند فئة نتيجة الحديث عنها أو توصيف آثارها أمامهم، لقابليتهم على الامتصاص. هذه القابلية التي تجعل منا نوعا مميزا عما عدانا، لكن فاعليتها تختلف من شخص لآخر تحديدا في الكيفية، فالبعض منا يمتص من واقعه من خبرات الناس ومن غير هذا ما يظن أنه ملائم له أو ما يظن أنه سيميزه عن غيره من المماثلين له.

تفشت هذه الاضطرابات بعد أن اتجهت معظم الدراسات إلى اعتبار أن الإنسان هو محور كل من الدراسات العلمية والفلسفية والاجتماعية والنفسية. جعل هذا من الإنسان الذي كان فيما سبق شديد التأثر بما حوله وكثير الاعتداد بنفسه، خرج من كل الدوائر التي كان يمثل نقاطا فيها فأصبح هو قطر الاهتمام بعد أن خلقت له دائرة تخصه وحده، فأصبح يأنف من أن يساء له، بل ويطمح لأن يعامل معاملة تشي بأهميته بين أفراد نوعه بل لا يطلبه إلا من أفراد نوعه على وجه الخصوص.

بدأ هذا الطموح بتوليد الاستياء حين لا يكون الواقع مطابقا لما تبتغيه دواخله، فيكون رد فعله في بعض الأحيان الاستسلام بأن يعزل نفسه ويرى فيمن يحيطون به أنهم محض كائنات لا تحس بشيء ولا تؤدي دورها الذي فهمه ه بالشكل الذي يتمناه. لكن البعض يبدأ بتطوير القدرة على إيضاح خيبة الأمل وقد تكون قاسية أحيانا على الطرف الآخر ليعلمه حسن السلوك معه. في حين أن الأول الذي عزل نفسه يبقى حبيسا لأفكاره التي تبدأ بتقدم الأيام أكثر سوداوية مما يدفعه للإحساس بالدونية وانعدام القيمة. فيبدأ تدريجيا – في بعض الأحيان- ميالا للدراسات التي ترتبط بالاضطرابات النفسية فيبدأ بالإسقاط على ذاته التي قد تطاوعه.. حتى إنك لتجد بعض الأفراد من تأثرهم بهذا يسقطون جميع الاضطرابات عليهم حتى يصبح هذا الذي بدأ في اعتقاده جزءا من كيانه فيما يظن. فيصعب على الخبير فصله عن ظنونه.

هذه مقدمة قصيرة جدا حول الأمر لعلي أوفق في تتمة أجزاء الموضوع لاحقا أختمها بحلين أجدهما أقرب للتطبيق في الواقع. حلاّن يجب أخذهما بعين الاعتبار لكي لا نقع في هذا المأزق.

  • الأول: غرس فكرة أنه ليس من الضروري أن ينال ما يريده وأن يروض نفسه كما يفعل بالطفل الصغير، لأن في هذه الممارسة يُنضج نفسه بحيث تبدأ في التعامل مع واقعها بعقلانية. وأن لا تطور ذلك الشعور بأنها ضحية لا تنال ما تظن أنها تستحقه. لا أحد بإمكانه فهمك باللحظ. إن أردت من شخص أمرا أفصح عنه.
  • الثاني: يجب أن يطور كل فرد يحترم نفسه قناعة نفسية تجعله لا يعلق هناءه وسعادته بل وحتى آلامه بأحد.. في الأخير إن الذي أوردته هنا قابل للنقد البناء لأن القصد منه بناء تصور ملائم حول هذا الأمر أولا، وثانيا إيجاد حلول منطقية أكثر.
1xbet casino siteleri bahis siteleri