الحياة على هذه الأرض

لطالما تغنى الشاعر محمود درويش قائلا: “على هذه الأرض ما يستحق الحياة.” لكن السؤال الجوهري المطروح: أيوجد فعلا ما يستحق منا العيش اليوم على هذه الأرض، في ظل ما نكابده من أزمات ومشاكل؟ إن الحياة كنز ثمين وهبة إلهية خص بها الله عباده المتقين، والحياة ملأى بالأزمات والعراقيل، بل جزء لا يتجزأ منها؛ إذ الحياة لن تقف عند كل مشكل يتعرض له الشخص، بل ينبغي عليه تجاوزه والاستمرار في عيش حياته.

لن يدوم الحال لصاحبه، فكما للحزن أن يمضي فللفرح أن يقضي. فكم من عليل كان بالأمس في كامل صحته وعافيته، وكم من كئيب كان بالأمس أسعد الناس وأفرحهم. فالحياة دالة متغيرة الرتابة، نعيش معها أوقات الصعود والفرح والسعادة، كما نعيش معها أوقات النزول والترح والكآبة. لكن، على الإنسان التشبث باليقين والإيمان، ومعرفة أن بعد كل عسر يسرا، وبعد كل شقاء رخاء، ولو جلسنا جلسة تأملية عن كنه هذه الحياة، سنجد أن هذه الأوقات العصيبة في حياة الإنسان تضفي على حياته طعما وذوقا بعيدا عن الملل والروتين، بل تخرجه من هذه الدائرة لتذكره أن الحياة فانية، وتختبر مدى صبره على قساوة هذه الحياة، فيأتي الفرج كالنور في الظلمات، يستشعر فيها الإنسان حلاوة اللحظات التي يعيشها، وتبقى كل الأوقات الصعبة في حياته مجرد ذكريات مضت وانقضت، ولا بد لها أن تأتي، ولا بد له مواجهتها.

مقالات مرتبطة

إن الأمل والتفاؤل بالغد الجميل أساس عيش الإنسان على هذه الأرض، لولا الأمل والتفاؤل لما استطاع الصمود أمام قساوة الحياة، فهما كالبلسم للقلب المجروح، يبثان العزيمة والإرادة للاستمرارية في هذه الحياة، فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.

يقول الشاعر مصطفى الغلاييني:
إِنَّ لِلآمالِ في أَنْفُسِنا *** لَذَّةً تُنْعِشُ منها ما ذَبَلْ
لَذَّةٌ يَحْلُو بِها الصَّبْرُ عَلى *** غَمَراتِ العَيْشِ والخَطْبِ الجَلَلْ

لن يعرف قيمة الحياة إلا من يصارع الموت، لذلك، لا بد للإنسان التحلي بالأمل والتفاؤل والقناعة والإيمان والرضا بما كتبه الله له. فلعل ما يحسبه شرا له ينطوي على خير لن يدركه إلا بعد حين، خاصة أننا نعيش اليوم أوضاعا عصيبة ومقلقة مع اجتياح وانتشار الوباء، حيث أصبح الشخص مقيدا بضوابط واحترازات من أجل ضمان سلامته ونجاته، وقلقا على أحبابه من العدوى. فقد أثبتت هذه الجائحة مدى تمسك الإنسان بالحياة، ومدى غلاوتها عنده. لكن، من المفترض أن يستشعر الإنسان قيمة الحياة في كل الظروف والأحوال، حين الهناء وحين البلاء، ومع تغير هذه الظروف، تتغير المشاعر والأحاسيس، وقد يصدر عن الشخص تصرفات وسلوكيات تجعله ضعيفا، مستسلما، يائسا، متشائما…لكن، هل كلنا نمتلك القدرة على التحكم في مشاعرنا وأحاسيسنا وضبطها؟

1xbet casino siteleri bahis siteleri