نعم للاختلاف…لا للخلاف!

نعم للاختلاف…لا للخلاف! جاء في المثل الفارسي الشهير: “لم يخلق الله الأصابع العشر متشابهة”. فالاختلاف سنة الله في الوجود، وضرورة جبل الإنسان عليها. ولكل شخص صفاته التي تميزه عن غيره وتجعله فريدا عن البقية. فمادام الناس يختلفون في ألوانهم وألسنتهم وأذواقهم وطبائعهم فلا ريب أنهم يختلفون في آرائهم وطرق تفكيرهم. إلا أن اختلاف الآراء ووجهات النظر بين الأطراف قد يكون سببا للعديد من المشكلات الصائغة.

العديد منا لا يستطيع أن يتقبل النقد، أو أن يعيش ضمن وسط تختلف آراؤه عنه. فكم من مشاجرة أو ملاسنة نشبت بين متاحورين ليس لسبب سوى أنهم اختلفوا في وجهات النظر! ذلك لأن الإنسان أناني بطبعه، يريد أن يستأثر بكل شيء، وأن يفرض رأيه دون أن يستمع إلى آراء الآخرين، ومن لم يأخذ برأيه فهو عدوه اللئيم يخاصمه ويعلن الحرب عليه. ولو تخيلنا أنفسنا ضمن وسط تتطابق آراؤه مع ذواتنا، سنكون، بلا منازع، نسخا مستنسخة لا تعرف التجديد ولا التطور. حينها، سيعجز الفرد عن تنمية قدراته وتوسيع مجالات تفكيره وإيجاد حلول لمشاكله. فاختلاف الآراء كنز وثراء، لا يقدر قيمته ولا يعرف جوهره إلا العظماء الحكماء. فكثيرة هي النتائج العلمية التي ما كانت أن تصل إلى حقائقها لولا اختلاف الأفكار والأبحاث، وعديدة هي القضايا التي ما كانت أن تجد للحل سبيلا لولا تعدد وجهات النظر. غير أن هذا الاختلاف البناء لا يجب عليه البتة أن يؤدي إلى الخلاف والنزاع.

مقالات مرتبطة

يقول الفيلسوف اللبناني علي حرب في كتابه خطاب الهوية: “إن الاختلاف هو الأصل في يقظة الوعي وتجدد الفكر وتطور الحياة.” فاختلاف الآراء هي رياضة الأذهان، تفتح للإنسان سبلا عديدة وآفاقا جديدة ومتنوعة من أجل التفكير والإبداع، فلكل منا أفكاره ومعتقداته الخاصة به، المحصلة عن طريق التنشئة الاجتماعية، والتي من خلالها يكتسب الفرد معتقدات وأفكار قد تكون مختلفة من بيئة إلى أخرى. لكن الأساس في هذا الاختلاف والتنوع هو الإثراء المعرفي عن طريق الحوار لا الجدال والتشابك والتعصب الذي من شأنه انتشار الخصومات والنزاعات والعداوة والشتات. كما أن هذا الاختلاف يولد في الإنسان ثقافة الاستماع للمتحاور المختلف، من أجل إيجاد – بطرق سلمية وبشكل دقيق- نقط الاختلاف، وبناء عليها يمكن بناء صرح قوي لإيجاد حل القضية للمتحاور عليها.

إن ثقافة تقبل الاختلاف والتسامح مع المختلف لن تولد بين ليلة وضحاها، بل تزرع في القلوب وتنمو مع الفرد وتسقى بالتربية على التسامح والحوار وقبول الاختلاف وضرورة احترام وجهات النظر. ولنرفع شعارنا ونقول: نعم للاختلاف…لا للخلاف!

1xbet casino siteleri bahis siteleri