كنه النجاح

من منا لا يسعى إلى النجاح وتحقيق الأهداف والطموحات؟! بل منذ نشأتنا ونحن نسمع تردد عبارات: “ادرس لكي تنجح!” “اعمل جيدا ومزيدا من الوقت لكي تحقق مزيدا من الربح وتنجح!” لكن السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه باستمرار: ما هو النجاح تحديدا؟ هل النجاح هو تحقيق المراتب والمناصب العليا؟ هل النجاح هو تحصيل مزيد من الأرباح؟ أم أن النجاح الحقيقي أكبر من هذا بكثير؟

قد يكون للنجاح أوجها وأشكال مختلفة، كل منا ينظر إليه بطريقته وزاويته الخاصة به. فالطالب، مثلا، يعتبر أن النجاح هو تحصيل النقط العالية واجتياز الامتحانات والاختبارات دون فشل. والعامل أو الموظف يعتبر أن النجاح هو تحصيل مزيد من الأرباح والدخل المادي. لكن النجاح الحقيقي أسمى وأرقى من أن يختزل في أحد هذه الأشكال أو الصور. فالفشل على سبيل المثال، قد يكون نجاحا باطنا غير ظاهر! فحين يفشل المرء، يشكل هذا التعثر حافزا له من أجل إعطاء المزيد والتقدم في المسار. فلولا هذا الفشل لما استطاع اكتشاف طرق وسبل جديدة تدفعه من أجل تحقيق هدفه! فكثيرة هي تلك الأمثلة التي كان فيها الفشل درسا ودافعا وحافزا وخير برهان من أجل تحقيق ذلك المراد!

إن النجاح غاية تدرك! ولتحقيق هذه الغاية، لا بد من العمل المواظب الدؤوب والمستمر وبذل المجهود المتواصل من أجل الوصول. قد يستغرق الوصول للهدف سنين عديدة، وقد يتطلب طاقة كبرى وقدرة قصوى على التحمل لا يستطيعها إلا من صبر! فتأتي هذه الغاية كتتويج لكل المجهودات المبذولة واعترافا بكل المشقات والصعوبات التي تم اجتيازها بتفوق!

مقالات مرتبطة

وللنجاح الجماعي طعم وذوق خاص وفريد من نوعه! فحين تقسم المهام ويعمل الأفراد جاهدا لتحقيق النجاح المشترك الذي شارك فيه كل فرد بما لديه من طاقة استيعابية وقصارى جهده من أجل بلوغ هذا التتويج المشترك، حينها يشعر كل فرد أن له بصمة خاصة به ومشاركة في هذا الفرح الجماعي! ويظهر هذا جليا، على سبيل المثال، في الرياضات الجماعية. فرياضة كرة القدم مثلا، تبرهن أن لكل فرد دوره الخاص به ومكانته الخاصة به ومشاركة وبصمة في تحقيق النصر المشترك! غير أن تحقيق الربح الجماعي رهين بالاتفاق والتفاهم وتجاوز المشاكل الشخصية وحل النزاعات من أجل الفوز المشترك!

إن النجاح الحقيقي أكبر من أن يتخذ صورة مادية كتحقيق الربح أو تحصيل المناصب أو غيرها. فبر الوالدين وطاعتهما وعدم عقوقهما بحد ذاته نجاح، واجتياز اليوم بسلام وعافية أيضا نجاح، ومساعدة الغير دون مقابل أو لمصلحة فوز ونصر، وتحقيق الذات والقناعة نجاح، وتجاوز المشاكل الشخصية والقدرة على التسامح بصدر رحب وعن طيب خاطر والابتسام في وجه الغير والتفاؤل المستمر رغم كل الظروف والمشاكل بحد ذاته فلاح. كل هذا يولد راحة البال والطمأنينة والسكينة وبالتالي فإنها أكبر الانتصارات وأعظم فلاح ونجاح! ولا شيء أعظم وأسمى من العيش براحة البال والهدوء والسلام الداخلي. يقول الشاعر العربي عمر الخيام في رباعياته:

لا تشغل البال بماضي الزمان *** ولا بآتي العيش قبل الأوان
واغـــنــم مــــن الحـاضـر لــــذاتـــه *** فليس في طبع الليالي الأمان

1xbet casino siteleri bahis siteleri