كن أنت كما أنت!

يولد الإنسان في هذا العالم بصفات ومميزات تختلف من شخص لآخر ومن بيئة لأخرى، فينشأ الفرد في وسط عيشه ويكتسب مجموعة من القيم والعادات والتقاليد الخاصة بوسطه، ويبني شخصيته بناء على ما اكتسبه من تنشئته الاجتماعية. إلا أنه قد يصادف الشخص أشخاصا أو مواقف تجعله يغير من شخصيته وطبيعته من أجل إرضاء غيره واكتساب قربهم. لكن، أمن المعقول أن يغير الإنسان من شخصيته من أجل غيره؟ أمن المعقول أن يغير الإنسان من طبيعته لرضا غيره؟ وإلى أي حد يصدق قول “الطبع يغلب التطبع”؟

لا ريب أن لكل فرد شخصية متميزة وفريدة عن باقي البشر، فالشخصية حصيلة ما اكتسبه الفرد من التنشئة الاجتماعية ابتداء من العائلة، فالمدرسة، فالثانوية، فالجامعة، إضافة إلى كل التجارب والخبرات والمواقف التي مر بها وأثرت على شخصيته. فالبشر يختلفون في شخصياتهم اختلاف الأصابع العشر! إلا أنه من الضروري أن يحافظ الإنسان على شخصيته وطبيعته ويتميز بهما.

كُثر هم أصحاب الشخصية المتزعزعة والضعيفة الذين قد تغيرهم أبسط المواقف والأشخاص لـ 180 درجة. صحيح أن المواقف قد تكون حادة وصعبة والتجارب قاسية بعض الشيء على الشخص، لكن هذا لا يبرر قط تغير الشخصية. بل هذه الظروف والتجارب يجب أن ترفع من همة الشخص، وتقوي من شخصيته وتعززها دون أن يتأثر جوهرها. أما الأصحاب والأشخاص الذين لا يستطيعون تقبل الفرد كما هو، أو يدفعونه لتغيير شخصيته وتبني أفكارهم واتباع خطواتهم للظفر بقربهم، فهؤلاء لا يصلح البتة التعاشر معهم بل حتى التعرف على أمثالهم. فالأصدقاء الأوفياء والمحبين المخلصين يحبون الفرد كما هو، دون أن يغير من طبيعته، أو شكله، أو شخصيته، بل يحبونه لروحه وجوهره وشخصيته المتفردة.

فالشخصية القوية هي التي تصمد أمام مشقات الحياة، بل تأخذ دروسا وعبرا من كل المواقف والتجارب التي تثبت لها بحق من كان معها وقت الشدة ووقت الرخاء، وتعزز شخصيتها، وتسعى دائما لتنميتها وتقويتها وتطويرها بالمطالعة والقراءة والثقافة والاستفادة من تجارب من سبقها، وتصحيح أخطائها دون تكريرها، والتعلم والتجدد والتواضع دون التأثر بكل المؤثرات الخارجية من أشخاص يسعون لتحطيمها أو اتباع القطيع، بل تسعى دائما وأبدا أن تتميز وتنفرد بذوقها وتسمو بشخصيتها وتتعالى بأخلاقها.

لذلك أيها الإنسان، لا تتصنع قط لإرضاء غيرك، بل اسع دائما لإرضاء نفسك أولا، وثق في نفسك، واسم بشخصيتك وطبيعتك وكن أنت كما أنت!