قراءة في كتاب السماح بالرحيل لديفيد هاوكينز

1٬323

السماح بالرحيل هو اختفاء كمية من الضغط الداخلي والمشاعر السلبية، يصاحب هذا الاختفاء شعور القلب بالراحة والخفة والرفرفة والتسليم. يعيش الإنسان الحياة تحت ضغط متراكم من مشاعر، وسلوكات واعتقادات. يجعله هذا الضغط معرضا للكثير من الأمراض والمشاكل، فبدل المواجهة يفسره على أساس حالة إنسانية فيسعى هاربا بالتجاهل لنفسه ومكنوناته الداخلية ولا يعطي نفسه فرصة الإنصات لنفسه.

ليست الأفكار والحقائق ما يسبب الألم وإنما المشاعر المصاحبة والكامنة خلف هذه الحقائق، وهذه الأفكار تأتي من تراكم المشاعر وعدم إلقاء نظرة مطولة عليها لفهمها وتخطيها، اُكِّدَ ذلك بنظرية علمية دمجت بين علم النفس والفيزيولوجيا العصبية حيث أثبتت أن وتيرة المشاعر هي المسؤولة عن تخزين الأفكار في الذاكرة.

يتعامل الإنسان مع المشاعر بثلاثة طرق:

  • القمع والكبت

يحدث القمع بلاوعي، أما الكبت فبوعي، أي أن القمع والكبت لهما علاقة ببرمجيات العقل الواعي واللاوعي للإنسان، حيث يكبت أو يقمع الإنسان المشاعر على حسب العرف الاجتماعي أو البيئة الأسرية، تظهر المشاعر المقموعة على هيئة توتر، ومزاجية، وعصبية، وغضب وانفجار لأتفه الأسباب، أما المشاعر المكبوتة فتكون ناتجة من الشعور بالذنب والخوف وعدم أحقية الإحساس بـ “ذاك الإحساس بعينه”، فبدل السماح لذاتنا بالشعور بـ “ذلك الإحساس المعين” لنتقبله ونتصالح معه نتجاهله ونرفضه ونحاول التخلص منه بإسقاطه على المحيطين بنا. ولكي يدعم العقل هذا الإسقاط لكي لا يدرك أنه على خطأ يبدأ بتذكر كل المواقف السلبية التي فعلها المحيطون به في حقه، لكي يلومهم ويصل إلى مرحلة يشعر فيها أنه على حق، فيلوم الناس، والأماكن، والوطن، وأحوال الطقس، والمنظومة التعليمية، وصعوبة المواد والجيران.

  • التعبير

لا يساعد التنفيس عن المشاعر بشكل كلي في القضاء على الضغط الداخلي، وإنما يساعد الإنسان فقط على الشعور بالتحرر لمدة معينة، وذلك لأن التنفيس يشمل فقط شعورا ما أما بقية المشاعر تقمع.

درج استخدام آلية التعبير عن المشاعر كسوء فهم لأعمال “سيغموند فرويد” وطريقته في التحليل النفسي، فقد أشار إلى أن القمع والكبت يؤديان إلى العصاب، وعلى إثر هذا تم استنتاج أن التعبير هو الحل. وقد رأى سيغموند أن المشاعر المقموعة أو المكبوتة يجب إعلاؤها وتحييدها لكي يتم توجيهها والتعبير عنها بأعمال بناءة كالإبداع، والغناء، والرسم، والكتابة، والعزف وممارسة الرياضة؛ فالجميع مكسور ولديه ما يضعفه وبالتالي لا يمكن للإنسان الانغماس في الذات على حساب الطرف الآخر.

  • الهروب

تجنب المشاعر من خلال الإلهاء وذلك بالانغماس في العمل، وحضور الحفلات، والكثير من الرسائل النصية، والمبالغة في التسوق والذهاب للسينما؛ أي شيء يجعل الإنسان ينسى مشاعره لكيلا يتبقى وقت فارغ يجعله ينصت لداخله. كل أساليب الهروب تحتاج طاقة هائلة لتضمن استمرار الكبت والقمع والهروب، وبالتالي كل طاقة الإنسان التي يمكنه استهلاكها في الإبداع والتعرف على أشخاص جدد، وتقوية النضج الروحاني، والاهتمام بالآخرين، يستهلكها في أساليب الهروب مما يؤدي إلى عدم وجود صلة بين إنسان وذاته والمحيطين به، وبالتالي الشعور بالوحدة والشيخوخة المبكرة، والأنانية، والقسوة، وعدم القدرة على حب الآخر والثقة به، والإصابة بأمراض جسدية خطيرة كالسرطان، وربما تصل للوفاة!

1xbet casino siteleri bahis siteleri