قراءة في رواية شآبيب لأحمد خالد توفيق

1٬058

شآبيب هي واحدة من أشهر روايات الطبيب والأستاذ الجامعي والمؤلف والروائي الشهير أحمد خالد توفيق والمعروف باسم العراب. واحد من أشهر كتاب القرن العشرين على الإطلاق. دائمًا ما اتصفت كتاباته بالبساطة والقرب من الشباب. ولذلك قيل عنه أنه “جعل الشباب يقرأون“. له العديد من السلاسل الروائية والعديد من الروايات. ويُعتبر العراب أول من كتب من العرب في مجال أدب الرعب وقد تميز فيه بشكل لافت.

يحاول العراب في هذه الرواية طرح فكرة فريدة ومختلفة إلى حد ما. فيحاول أن يجيب عن سؤال: “ماذا إذا أصبح العرب مكان اليهود وأصبح اليهود مكان العرب؟” ماذا إذا أصبح العرب أممًا متفرقة وأصبح اليهود هم أصحاب الأرض وأصحاب التجمع الكبير؟

“عرب المهجر” فكرة ارتكزت عليها الرواية وناقشتها بتبحُّر، أحوال العرب المشتتين في بقاع الأرض، العرب الذين قادتهم الظروف للاغتراب هربًا من معيشة صعبة أو يأسًا من إمكانية البقاء أو سعيًا وراء الأحلام، يجد هؤلاء العرب أنفسهم ضحيَّة للتعصب والكراهية ممَّن حولهم، تبدأ المجتمعات التي أذابوا أنفسهم فيها بلفظهم بقوَّة، سواء كان هذا في النرويح أو الولايات أو أستراليا أو حتى ليبيريا.

الجميع اتَّفق على تحميل القلة العربية في المهجر ذريعة الكراهية، فيواجهون ألوانًا من الاضطهاد والذلّ والعذاب بلا سبيل للمطالبة بالحقوق. وسط كل هذا الاضطراب والغد المظلم تلوح بارقة أمل في الأُفق؛ أرض ميعاد جديدة تجمع عرب الشتات على سطحها، فرصة للبدء من جديد في أرض امتكلها أجدادهم في القدم وحان الوقت لاستردادها، كذبة ضخمة لجأ إليها عربي طموح واستطاع إقناع القوى العظمى بها، “إنقاذ العرب والخلاص منهم في نفس الوقت” كانت كافية لإقناع هؤلاء، اقتضى الأمر تزييف التاريخ كذلك لإعطاء هؤلاء العرب سببًا للهجرة بإقناعهم أنَّهم يستردُّون حقًّا لهم.

يربط الماضي بالحاضر بخفَّة، يذكر لك لمحة من التاريخ، اقتطافًا من الأدب، ومضة من الفن، يعطيك شيء من كل شيء دون استرسال أو شرح، يرمي بذرة ويترك لك السُّقيا، فيقودك لاشعوريَّا للبحث والتزوُّد، يفتح لك آفاقًا جمَّة لتخرج من رواية واحدة إلى مئات المعلومات التي تقودك لمعرفة قوية لو تتبعتها.

بدأت الرواية من ختامها؛ جاءت النهاية أوَّلًا واضحة مقيتة محيِّرة، تجعلك تتساءل كيف وصل الأمر إلى هنا؟ ثم بدأت في سرد ما حدث وإخبارك بأدقِّ التفاصيل كيف آلت الأمور لهذا.

شآبيب رواية مميزة، من آخر ما خطَّ الدكتور أحمد خالد توفيق ونشر في حياته، حالة تسيطر على شعورك بقوة، تمسُّك من الداخل بموضوعها الذي يتغلغل في كينونتك، القارئ العربي سيكون محتارًا حزينًا واجمًا وغاضبًا ومحبَطًا عندما يمر بشآبيب.

اقتباسات من الرواية:

ثمة حروب من الخير ألا نحضرها.

الأفكار الصحيحة لا تموت قد تنهزم لكن لا تفنى.

ثمة أشياء في الحياة ينبغي ألّا تُعاش من جديد.

أحيانًا يحتاج الخوف إلى شجاعة هائلة كي تعترف به. يُخيَّل له أنَّ معظم بطولات التاريخ قام بها أشخاص خشوا اتهامهم بالتخاذل والضعف.