بالكلمة الطيبة تُفَتَّح أزهار الربيع

صالحة لكل زمان ومكان، يحتاجها الطفل والطالب وسائر الناس، كما يحتاجها الموظف والمدير والمسؤول والمعلم والمتعلم والغني والفقير؛ لأن الكلام الجميل يصل إلى القلب بدون وساطة أو استئذان، الكلمة الطيبة الموزونة المنتقاة قادرة على إحداث التغيير والتبديل، فالكلمة الحسنة الجميلة تغير الحرب إلى سلم، والكراهية إلى حب، والعداوة إلى صداقة، وتقود الناس نحو الألفة والاتحاد والوئام.

الكلمة الطيبة توقظ الغافلين من سباتهم العميق، وتدفع الكسالى نحو العمل، تنتشل الحيارى من حيرتهم الشديدة، وتأخذ القانطين نحو سهوب السعادة، وتقلب الحزن إلى فرح، والتشاؤم إلى تفاؤل. الكلمة الطيبة تنشر القيم الإنسانية، وتوقظ الضمائر، وتشعل الهمم، وتحيل الخراب إلى واحة خضراء. الكلمة الطيبة سلاح النبلاء، ورسالتهم الخالدة، ينقلون الناس من خلالها إلى عوالم الجمال والسلام.

لقد أصبحت الكلمة الطيبة النافذة المشرعة التي تأسر القلوب، وتخلب الألباب، وتجمع الأرواح، وتطفئ النيران، وهي الكلمة الفريدة التي تتسلل إلى الزوايا المظلمة في حياة الناس، وتشعل القبس الذي ينير الحياة ويعطيها المعنى، وتفرد الأرواح بالمحبة على وسع الكون وامتداد الفضاء. الكلمة الطيبة تسكن الوجدان، وتربط الحلقات، وتقرب الصلات، وتجلب النافر، وتهدي المستشيط، تريح الخلد والعواطف وتعكس القرائح بكل شفافية مثل شلال متدفق.

يُحكى أن ملكاً أعلن في الدولة أن من يقول كلمة طيبة فله جائزة 400 دينار. وفي يوم كان الملك يسير في المدينة إذ رأى فلاحا عجوزا وهو يغرس شجرة زيتون، فقال له الملك لماذا تغرس شجرة الزيتون وهي تحتاج إلى عشرين سنة لتثمر وأنت عجوز في التسعين من عمرك وقد دنا أجلك؟ فقال الفلاح العجوز: السابقون زرعوا ونحن حصدنا ونحن نزرع لكي يحصد اللاحقون. فقال الملك أحسنت فهذه كلمة طيبة، فأمر له بـ 400 دينار فأخذها الفلاح العجوز وابتسم فقال الملك لماذا تبتسم؟ فقال الفلاح شجرة الزيتون تثمر بعد 20 سنة وشجرتي أثمرت الآن، فقال الملك أحسنت أعطوه 400 دينار أخرى، فأخذها الفلاح وابتسم فقال الملك لماذا ابتسمت فقال شجرة الزيتون تثمر مرة في السنة وشجرتي أثمرت مرتين فقال الملك أحسنت أعطوه 400 دينار أخرى، ثم تحرك الملك بسرعة وهو يقول إذا جلست إلى الصباح فإن خزائن الأموال ستنتهي وكلمات الفلاح الطيبة لن تنتهي.

وفي نفس السياق، تحضرني أيضا قصة العالِم توماس أديسون وهو طفل صغير عندما عاد من مدرسته وأعطى أمه رسالة من المدرسة، ووجد أديسون أمه تقرأ الرسالة وامتلأت عيونها بالدموع وهي تقرأ رسالة المدرسة بصوت عال لطفلها: “طفلك عبقري وهذه المدرسة لا تستوعب هذا الذكاء، وليس لدينا معلمون أكفاء لتعليمه يرجى تعليمه بنفسك.” وبالفعل أخذت الأم على عاتقها تعليمه وتدريسه، وبعد وفاة أمه بعدة سنين أصبح أديسون واحدًا من أعظم المخترعين. وذات مرة ذهب أديسون إلى خزانته ووجد الرسالة التي كانت تقرؤها أمه له وهو طفل، مكتوبة هكذا: “ابنك ضعيف الفهم ولن نسمح له بأن يكمل دراسته بالمدرسة.” قرأ أديسون الرسالة بعاطفة شديدة ثم كتب بمذكراته: “كان توماس أديسون ضعيف الفهم، ولكن أمه حولته إلى عبقري القرن.”

هكذا تفعل الكلمة الطيبة. كما قال ثروت الخرباوي: “إن الحاضر لا زمن له، وحده القلم هو الذي يستطيع أن يستدعي الماضي ويجعله حاضرًا تظل الكلمة مكتوبة فيظل الحاضر قائمًا.” زبدة الحديث: الخير يثمر دائمًا والكلمة الطيبة خير، اعلم جيدًا أن الكلمة تؤذي صاحبها قبل أن تؤذي الآخرين، فكم من أناس خسروا كل شيء بسبب كلام غير لائق ولا مسؤول.

1xbet casino siteleri bahis siteleri