مرض العصر!

لا أخفيك القول بأنني شعرت بإحباط وحزن عميق لرؤيتي أن خطتي لم تتكلل بالنجاح، حزن خانق وجامد كحزن امرأة أرملة رحل عنها رفيق دربها وأم لسبعة أيتام. كانت الأيام متكررة تتمحور بين السرير والحمام…لم أرغب في مقابلة أحد، ولا تقديم جواب  لسؤال الشهير (اش درتي باقي؟)

ربما كانت أصعب فترة من الفترات التي مررت بها في حياتي، حتى أن والدي وأقربائي قلقوا علي وفكروا في إرسالي لعطلة لم أطلبها على الإطلاق لأول مرة ربما. كانت مرحلة تأمل واسترخاء، جعلتني أفكر في كل القرارات والمشاعر المتضاربة التي تعتلي قلبي. كل هذه المرحلة كان مفادها عدم القبول بالمتاح.

وعلى العموم، فإن تفادي العيش في الحاضر، الآن، الممكن والمتاح يعتبر أحد أمراض هذا العصر، نضحي بحاضرنا من أجل غدٍ ومستقبل مجهول لا ندري عنه شيئا سوى أنه مجهول. نفوح بعدة أحلام هوائية من قبيل سأكون جد سعيدة عندما سأتخرج، أعمل أو أتزوج، سأكون أكثر سعادة عندما أرزق بعدة أطفال وأكثر عطاء عندما أوقع عقد عمل بالملايين…

نؤجل كل حياتنا ونتناسى أن نعيش واقعنا ونحرم أنفسنا من السعادة تحت ما يسمى يوما ما! ننتظر الغد لنبدأ، لنسعد ونستعد، لنتعانق ونتصالح، لنفكر ونتفكر، لنستقيم ونلتزم، لنتصل ونعبر، لنهدي ونحب، لنعاتب ونسامح، لنقبل ونتقبل إلا أن الغد لا يأتي ونبقى مجددا آملين بغد آخر وآخر، لا نشبع من كل الأيام والشهور والسنون والقرون! فننصهر وتنصهر أحلامنا وآمالنا… أعباؤنا عذابنا ،مواجهتنا وعتابنا منتظرين الغد، اليوم المناسب، الوقت المناسب ورفقة الشخص المناسب.

ننتظر يوما تبدد فيه كل الأيام الحالية البائسة ونستيقظ من جديد في عالم آخر، دولة جديدة، منزل جديد، شخص جديد، شعور قوي، يوم تكون فيه السماء زرقاء والشمس ساطعة، أن نستيقظ من هذا الكابوس المزعج (حياتنا) بتنهيدة ونعيش الحياة الأخرى. نفكر في الأمس ونلوم النفس على أخطاء وقعت في الماضي، نردد مجددا لو أنني فعلت، قلت وقبلت، سامحت وواجهت.

لا يمكننا أن نغير في الماضي شيئا، ولا يمكننا التكهن بالمستقبل. لا يجدر أن نلوم النفس عن أشياء حدثت في الماضي، ولا بناء أحلام من أوهام على الأوراق. إن كل ما يجب أن نفعل هو أن نستغل كل لحظة من لحظات حياتنا فقط. أن نعيش بما تحمله الكلمة من معنى وإحساس، أن لا نضيع أي لحظة من لحظات حياتنا في التفكير في الماضي أو المستقبل. عش حاضرك، عش حاضرك، عش حاضرك! دع القلق وابدأ حياتك، وحياتك تبدأ من الآن وليس في تلك الدولة أو ذلك المكان، رفقة ذلك الشخص أو في هذا الوقت المعين.

1xbet casino siteleri bahis siteleri