من أحقُّ أن يطلق عليه اسم المحتل؟

لا أجد الكلمات لأتمم روايتي، لا أجد الحروف لأكتب نصًا، كل شيء يؤدي إلى فِلَسطين، حتى مداد القلم وحتى الكلمات. من أحقُّ بأن يطلق عليه اسم المحتل، أهي فلسطين أم نحن -الدول العربية-؟ فبينما تُوهب إسرائيل السلاح بالجملة، العرب يعقدون مؤتمر سلام، وأي سلام، وبينما تقصف المنازل فوق رؤوس ساكنيها، ويُقصف رثلٌ من الأبرياء يبحتون عما يسُدُّ جوعهم ويروي ظمأ صغارهم، ويقصف مستشفى ليستشهد المئات، نعقد مؤتمر سلام، وإن احتاجت غزة للمساعدات، نرسل لها الأكفان فما زال الموتى سيسقطون تِباعا الواحد تلو الآخر، ونحن ما علينا إلا أن نُدين، وتارة نبكي كالنساء، تارة أخرى نقيم جمعا للسلام ولا نخرج منه بقرار واحد.

الاحتلال لم يطل فلسطين وحدها، بل طال كل المطبعين وكل دولة مسالمة لإسرائيل، أما نحن فليس لنا أي سلام مع كيان غاصب، وأوسلو باطلة، وكامب دايفد باطلة، ووادي عربة باطلة.

أتعلم كم من القصص في غزة؟ كان الأب يعمل بجهد ويوفر حتى استطاع أن يُزيل أثر الردم من القصف الذي كان في الماضي على هاته المدينة، وأقام أسوارا وأصلح البيت، فانهار البيت مرة أخرى ومات من فيه.

مقالات مرتبطة

أتعلم كم من الأحلام في غزة؟ كانت الصغيرة تريد أن تصبح طبيبة تداوي جراح الآخرين، والصغير يريد أن يصبح معلما ليحارب الجهل، وتلك الشابة هناك، انتظرت يوم زفافها بأحر من الجمر، فكل ليلة تسترق نظرة إلى صورة حبيبها بخجل وإلى الفستان الأبيض بترقب، لم تصبح الصغيرة طبيبة، ولا الصبي معلما، لم تتزوج الفتاة، الكل مات.

حتى الأمهات يحلمن وبشدة أن يحضرن تخرج بناتهم وأولادهم ولكنهم لم يحضروا إلا الجنازات وربما حضر الآخرون لجنازة الأمهات أنفسهم. كل شيء يحدث في غزة على المباشر، القصف، المجازر، الصغار وقد تلطخت ثيابهم بالدم والغبار، أجساد فقط بدون أرواح، الأجسام المليئة بالكدمات والجروح من درجة رابعة، الصغير وقد نجى لوحده لا لم ينجُ من الموت، وإنما ابتلي بالحياة، كل شيء يحدث على مرأى العالم المتشدق بإنسانيته الزائفة.

والسؤال المطروح دائما وسط جدران غزة هو “وين العرب، وين المسلمين” لقد ابتلينا بحكَّام متجبِّرين وطُغاة على شعوبهم، ومتهاونين متسامحين مع خصومهم.

1xbet casino siteleri bahis siteleri