عندما تبنّى التركي متلازمة اليوناني!

1٬355

كنت قد ذكرت في مقال سابق؛ مشاهدات من ديار الرياح: جزيرة كُوكْتْشِي “أرض التواصل عبر الزّمن”، لذلك فالتركيز في هذه المقالات سيكون على إطلالة الإمروزي على بوابة التراث والعادات والتقاليد العريقة بتجاربه في الحاضر. يشاع افتراض، “أن ما إذا فرح اليوناني كسر الصحون” وبحكم تجربتي، فهذا صحيح!

من الطبيعي أن الجميع يشتاق ويحنّ إلى الزمان الماضي، حيث كان الأجداد يتمسّكون بشكل كبير جداً بالكثير من العادات والتقاليد، التي يستمدّ منها الإنسان في حاضره السلوك والأفكار والأصالة وأسلوب الحياة عامة، حتى أنه يصر بأن تتجسّد في اعتمادٍ راهنٍ لأشكال متعددة في التعبير والممارسة اليومية التي تتطابق مع تلك التي كانت معتمدة إذّاك. ونجد منها عادة تكسير الصحون التي ترجع إلى التراث اليوناني القديم؛ إذ اعتقد الأسلاف بأن كسر الصحون خلال المناسبات يبعد الأرواح الشريرة، ويجلب الحظ والسرور للأرواح الخيرة. ويكاد من المستحيل محو هذا الجزء التراثي من ذاكرة اليوناني، إذ لا يزال أثره فعّالا في مسلكه، ومعتقده، وأسلوب عيشه ونظرته للحياة، من خلال ممارسته في المناسبات واللقاءات العامة لإشباع كيانه الروحي، وتخفيف الضغط النفسي عنه، والتخلّص أيضا من الطاقة السلبية التي تحيط به، وهو ما يحقق به التوازن بمعادلة بسيطة ولامتناهية؛ (الماضي + الحاضر=المستقبل).

ظل هذا التقليد رمزًا من رموز الهوية الذي يولّد الشعور لدى الإمروزي بالانتماء إلى عمق الموروث بكل مكوناته وزُخْمه، لاحتوائه خلاصة تجارب وخبرات تراكمية من الماضي السحيق. كل هاته الأسباب السابقة كانت كافية لأنتهز فرصة تواجدي مع مجموعة من الأصدقاء والمعارف خلال الأمسية، وأتشارك بعد العشاء كسر أكثر من عشرة صحون على إيقاعات رقصة زوربا والتي تعد واحدة من علامات الفلكلور اليوناني.

بعد هذه التجربة الشيقة سألتني إحدى صديقاتي هل فرغت طاقتك السلبية؟ فأجبتها بالإيجاب. أعترف أنه قد تكون مختلف التجارب التي خضتها في معظم أسفاري، تجعلني في نظر جل الأصدقاء والمعارف، إنسانة منفتحة ومحبة للاكتشاف، هذا صحيح نسبياً! لأنني انطوائية إلى حد ما ولا أظن أن للسفر علاقة بطباع الإنسان، سواء أكان منفتحاً أم انطوائيا. في نهاية المطاف لكل شخص طموحاته وأهدافه المختلفة من السفر.

في الغد، كانت الأجواء مشمسة وجد حارة، مع رياح عاتية، تكاد لا تطاق في بعض الأحيان، لكن ذلك كله لم يمنعني من التوجه إلى قرية زَيْتِينْلِي أوأَيَا تِيُودُورْوَا سابقاً؛ حيث وجدت أن للمنازل الحجرية حصة في رَوْيِ تاريخ أرض إمروز من خلال بساطة معمارها، فهي صغيرة وتصطف بجوار بعضها البعض، ولا يفصل بينها سوى مسافات قصيرة للغاية، وهو الشيء الذي ذكرني كثيراً ببلدة أَلاَتْشَاتِي بمقاطعة إِزْمِيرْ. وقد لاحظت أيضا أن الأزقة الضيقة لهذه المنازل جعلت سكانها يتجاذبون أطراف الحديث أثناء مقابلتهم السريعة في الطرقات، ما أعتقد أنه ساهم بشكل كبير في خلق نوع من الإيجابية على مستوى العلاقات الاجتماعية بين أفراد القرية على مرّ السنين.

كان تجوالي هناك بهدف زيارة أحد المقاهي المشهورة التي تبدو أنها تشكل جزءا حيوياً من قطاع السياحة المحلية لما تحتويه من ملامح فنية وجمالية متميزة، فضلاً عما تقدمه من خدمة جد عالية تضمن بها راحة السياح الذين يجولون الأزقة بحثاً عن المواقع الأثرية العريقة، وللتمتع أيضا بالطبيعة المزدانة بالجمال. ولهذه المقاهي وقع خاص في نفوس أهالي الجزيرة، فهي ترسم الكثير من مشاهد الماضي بالمجالس الأهلية، المليئة بالحديث عن يوميات، وقصص وحكايات، أما السائح الأجنبي فهو طامح إلى مثل هذه الجلسة المحلية العابقة بعبق التاريخ، خصوصاً أن هذه المقاهي قد ذاع صيتها بفضل قهوة دِيبَاكْ وهي قهوة تعرف بسحقها في مهراس حجري ما يجعلها ذات نكهة خاصة. والحق يقال، أنه كان من الصعب علي تمييز نكهتها المميزة والفريدة، بسبب انتمائي إلى جيل القهوة السريعة.

إن وجود اختلاف في الدين، والعرق، والثقافات وغيرها من الأمور، هو جزء أساسي من البنية الاجتماعية والتاريخية لهذه المنطقة. وتُعد أرض إِمْرُوزْ نموذجاً مثالياً للمنطقة الناجحة التي استطاعت أن تثبت أن التنوّع الديني والعرقي -في حد ذاته- لا يمثل خطراً على الأمن المحلي للمنطقة بل يمكن الاعتماد عليه كعامل قوة، ودافع للاستقرار والتقدم، فإذا أمعنا النظر في التكوين السكاني للجزيرة، نجد أنها منطقة الثنائيات على مستوى العرق، والدين واللغة، فهي تتكون من فئتين عرقية رئيسية: (الأتراك واليونانيون)، حيث تمثل الفئة التركية الأغلبية، ويبلغ العدد الإجمالي لأهل إمروز حوالي 9000 ساكنة. إن المقام في أرض إِمْرُوزْ يعني سماع الكثير من القصص والأحداث من سكانها.

بالعودة إلى تجربتي الشخصية، يجدر بي القول إن ما أثار انتباهي بكثير من الدهشة خلال التجوال في أرجاء الجزيرة، وخاصة في قرية تِيبِي، أو كما أُطْلِقَ عليها قديما أَكْرِيدِياَ، من انفتاح الأفراد واحترام وتقدير التنوع الديني، من خلال إقامة المناسبات الدينية الإسلامية منها والمسيحية، وحسب ما قد رُوِيَ لي أن القرية تستضيف بشكل سنوي خلال يوم 15 غشت عيد انتقال السيدة مريم العذراء بالنفس والجسد إلى السماء حسب المعتقد المسيحي الأرثوذوكسي. ويعد هذا الاحتفال بمثابة مهرجان سنوي لتكريم السيدة مريم العذراء على رسالتها وحياتها؛ حيث يحج إلى إِمْرُوزْ الأهالي والعائلات من كل أقطاب العالم، من أجل الاستعدادات والتجهيزات التي تبدأ مساء يوم 14 غشت بذبح الأضاحي، وتجهيز الساحة في القرية باللّوازم الضرورية لهذا الاحتفال.

في حقيقة الأمر، تكشف هذه التجربة عن أهمية العادات والتقاليد الدينية في حياة الإمروزي، الذي لا يعتمد على جانبه المادي فقط، أو يتحرك حسب حاجاته الاقتصاديّة، بل هو إنسان مركّب مُتجاوز لهذا البعد المادي؛ فهو ذو أبعادٍ أخرى رُوحيّة ونفسيّة ترجع للثوابت الموروثة والتي تمتد جذورها وتستمدّ قوتها من ثوابت الدين. أسفار متعدّدة ووجهات مختلفة، تكون بمثابة امتحان للإنسان، ويا له من امتحان! فالسفر يضفي على الحياة قيمة مضافة لكونه يختبر الحواس، خاصة وأنه كان لوجهة اخترقت حدود المكان والزمان والعرق. وألهمتني بما خلفته قرائح الأقدمين، وصفوة الأسلاف من عادات وتقاليد، وفن ونمط عيش والقائمة تطول.

كان هذا السفر أكثر من كونه تحديا بدنيا بالسير لمسافات طويلة وتجاوز الممرّات الضيقة ومحاولة التأقلم مع الرياح البحرية، بل أعطاني فكرة مذهلة حول التحديات التي واجهتها القرى وسكانها، وهي السير على خط رفيع بين الحداثة والإبقاء على التقاليد العريقة على قيد الحياة، وهذا ما يشكل بالأساس قاعدة للراغبين في زيارة وفهم نمط عيش أهل إِمْرُوزْ.

وجوه ثنائيات في مرآة كُوكْتْشِي

امتد الزّمن فتغيرت بوصلته، جملة تحمل في طياتها الكثير من المعاني والإشارات لأرض ظلت بين رفع وخفض وبين طاعة وثورة، ليكون آخر مسلك تاريخي لها في العصر الحديث، ضمها عام 1923 على إثر معاهدة لوزان إلى الجمهورية التركية. وبمساحة إجمالية تبلغ 286 كيلومترًا مربعاً وبساحل يمتد 91 كيلومترًا، تحمل أقصى نقطة غربية لتركيا قصص الأقوام السابقة، التي أصبحت ذكريات حاضرة بقوة في عقل وقلب الإمروزي.

خلال تجوالي في قرى الجزيرة، تساءلت عن سر سعادة وبهجة سكانها، إلا أنني فطنت أن الإجابة كانت مرافقة لي منذ البداية؛ حيث لا يوجد شعورٌ بالتفاوت الطبقي بين السكان، فجميعهم يرتادون المقهى نفسه لاحتساء الشاي أو قهوة دِيباك، ويشترون احتياجاتهم اليومية من دكاكين البقالة المملوكة لأبناء الجزيرة، فلغالبية السكان الوضع الاجتماعي، والاقتصادي، والتعليمي نفسه.

تحاشت كُوكْتْشِي برؤية راقية صراعات الثنائيّة اللغويّة، والثقافية، وخصوصا الدينيّة، وقد تجلت في السماح بحرية الاعتقاد، والحق في ولوج أماكن العبادة المتعدّدة والمتنوّعة التي خُلِّفَتْ من طرف حضارات وقوميات مرت عبر ذاكرة أرضها وتركت بصمتها عبر كنائس وأديرة قديمة يصل عددها إلى حوالي 360 كنيسةً وديرًا، ونجد منها كنيسة كْويميسيس تِيس ثْيوتوكوس، وكنيسة آيافارفارا، وكنيسة آيا مارينا، وكنيسة أجْيوس جْيورجيوس، إلى جانب العديد من المساجد.

عند زيارتك، أيها القارئ الكريم، لهذه الجزيرة ستلاحظ أن عدداً قليلا من هذه الكنائس والأديرة مفتوح للزيارة، بالإضافة إلى أن فتح أبوابها وإغلاقها يتم من طرف العائلات المسؤولة عنها، التي تقوم بعنايتها وحمايتها، وهم يعتبرون ذلك أمرا مشرفا لهم. في ذلك اليوم وقبل رحيلي بعدة ساعات، زرت كنيسةً متواجدة داخل مقبرة أجْريدْيا كيميتِريو، مساحتها صغيرة جداً، وبناؤها بسيط للغاية، عند دخولي إلى قاعتها الموقرة لاحظت العدد الهائل من الشموع التي تكون مرتبطة بانضمام المصلي إلى النور الإلهي، عبر الصلوات والشعائر الدينيّة، والذي في قلبه نية حتى أنه يعتقد لدرجة اليقين التام أنها سوف تتحقق، فقد تكون بطلب الرحمة، أو للشكر على نعم الله التي أسبغها علينا؛ فهذه الشموع تتّسق بشكل كبير مع الجانب النفسي للمصلي الذي يرنو دوما إلى كل ما هو روحاني في صلواته.

قبل رحيلي، كان لا بد لي من التوقف من أجل إجراء حوار ونقاش، ينعش ذاكرتي، ويغذي معارفي، ويضيف المزيد إلى تجربتي في كل مرة، خصوصا وأن إتقاني لغة الساكنة يعتبر محفزا كبيرا، وانفتاحهم يعد أيضا فرصة جيدة من أجل تبادل الأفكار والحوار. وقد طافت في ذهني فكرة ترجمة حوار لي مع الأستاذ تيمور كوشال، وهو عضو في المجلس البلدي لمدينة إجَّباتْ، والذي قد حظيت بشرف لقائه خلال مدة دراستي، بهدف إخراج فكر السكان الأصليين من نطاق محليته إلى نطاق أوسع بكثير، وكنت قد دونت جزءاً من هذا الحوار، وتماطلت لمدة ليست باليسيرة من أجل ترجمته، وتنقيحه، لأضمن لك عزيزي القارئ صياغة جيدة لمحتوى هذا الحوار الذي هو في الأصل باللغة التركية. وقد جاء هذا الحوار كالآتي:

-ما هي أهمية جزيرة كُوكْتْشِي أو كما يحب البعض مناداتها إمْروز من وجهة نظركم؟

-في بادئ الأمر، أخشى أن يكون من الصعب وصف شعوري نحو جزيرة كُوكْتْشِي (إمْروز) التي لطالما أحببتها، فهي منبع ذكريات طفولتي التي لا تكاد يغيب بريق وتوهّج شمسها عن أفق روحي وخاطري رغم مرور السنوات. كان قد ترك أجدادي تراب تركيا وأبجديتها، وهاجروا عام 1700 إلى الديار اليوناني، ولينسج بعد ذلك القدر خيوطه وتعود والدتي في سن مبكرة إلى موطنها، وهذا ما جعلني أؤمن بأن أهمّيّة هذه الأرض تكمن في روحها التي نعيش بها وعليها، فهي مرتبطة بالوجدان، وبإحساس داخلي عميق لكل فرد منا. ما ينبغي أن أؤكد عليه، بأن أهم قواعد هذه الجزيرة تكمن في تعايش الجميع وتشاركهم نفس الشوارع والأزقّة والفضاءات العمومية في ألفة وتقبل تامّ وانسجام قلّ نظيره، وإذ صح تعبيري هذا؛ فهي سمفونية مركبة صنعتها رؤية هادفة، وأحداث وشخصيات لزيارة عوالم أخرى مختلفة، لا يمل سامعها مهما تقادم الزمن.

-هل يمكنكم تحديد موقع الفرد في حوار ثنائيّة الإسلام والمسيحية؟

يجدر بي الذكر، أن الثنائيّة الدينيّة في أرض جزيرة كُوكْتْشِي ودية إلى حدّ بعيد، وقد تكون الأرض الوحيدة التي اتبعت مسلك العيش المشترك بسلام وتعاون بين التركي واليوناني، بدلا من نهج مسلك الاختلاف والتناقض والتباغض وربما الاحتراب، ولا يمكن إنكار الدور المحوري الذي قام به الفرد سواء أكان تركيا مسلماً أو يونانيا مسيحياً في تماسك المجتمع عبر ترسيخ مبادئ الممارسة اليومية، فلا أحد يجهل ديانة الغير، ويتشارك الجميع في أحداث دينيّة تقوم أساسا على الاحترام المتبادل. وقد بلغت تجربة العيش المشترك درجة عالية من الاندماج على الصعيد العالمي، ولشدّة ما أصبحت جزءاً من سلوكياتنا، بتنا لا ننتبه للآليات التي تتجسّد فيها في ممارساتنا اليومية، إذ في الوقت التي تصدح فيه المآذن بالآذان، تدق أجراس الكنائس، ويمارس كل فرد عبادته بحرية تامة، ودون أي اضطهاد ديني، لأنه في الأخير ابن هذه الجزيرة، ومن حقه أن يشعر أنه كائن موجود ومحترم ومعترف به.

-كيف علينا التعامل مع العادات والتقاليد الثقافية سواء كانت تقاليد “الأغلبيّة” أو “الأقلّيّة”؟

لا بد وأنك تعرفين، أن ما نشهده هو أهمّيّة استثنائية في منطقة يعيش فيها المجتمع التركي واليوناني على ثقافة بحر إيجه، فهي ثقافة تحمل مفاهيم متجذرة تؤدي إلى قاعدة العيش المشترك الذي سبق وذكرته، ومن بين هذه المفاهيم؛ نجد مفهوم احترام الهوية الثقافية، وكرامة الفرد كفرد، والتواصل السليم. في الواقع، كلها مفاهيم وقيم لصيقة بالممارسات اليومية، التي تجلّت حتى الآن في تمتع الأقلّيّة اليونانية بثقافتها والتعبير عنها بشتى العادات والتقاليد، واستخدام لغتها الأم بحرية كاملة ودون تمييز مع تواجد الأغلبيّة التركية على هذه الجزيرة. كما تشير التقديرات إلى وجود حوالي 700 مفرد باللغة تركية مشابه لمفردات باللغة اليونانية. باختصار، إن ضبط ميزان التعايش بين الأقلّيّة والأغلبيّة على الصعيد الثقافي، يزيد من آفاق مجتمع جزيرة كُوكْتْشِي وروافدها الإنسانية. إذا سألتني عن كيفية تعاملنا مع عادات وتقاليد الأغلبيّة والأقلّيّة، فهذا هو رأيي الشخصي تجاه سيرورة هذا التوازن.

-شكرا لتخصيص حيّز من وقتكم من أجل عقد هذا الحوار، ودمتم سالمين.
-الشكر لكم.

سطور مقالي ما هي إلاّ نبذة من مشاهدات حية لما اختبرته خلال سفري إلى جزيرة ذات طابع مناخي استثنائي على مدار العام، وقد حاولت من خلال هذا الحوار القصير، أن أركز على بعض القيم الفردية، التي تعتبر نقطة انطلاق نحو الفلسفة الغيرية والعيش المشترك. فهي كلها قيم تستهدف بناء وصياغة المجتمع على أساس أن كل فرد منه يشكل جزءاً مهما، مما يستلزم خلق تفاعل وتناغم وتناسق في حركة الأجزاء بما يضمن التكامل وخلق حالة من التوازن بين جميع أجزائه.

لا أخفي عليك عزيزي القارئ، أني كنت قد عانيت من ضيق الوقت في سفري هذا بسبب التزاماتي الدراسية في ولاية تْشاناكالي، لكن، في الوقت نفسه، لا أستطيع أن أنكر أنه كان المحرّك الأساسي نحو التركيز على ما سيثير لدي شغف المغامرة. يبقى كل سفر حالة غرائزية غريبة، أشعر بها وأنشد بها الوصول إلى المزيد من المعرفة، هذا ما يجعلني أعيش في كل أرض ما يجب أن أعيشه، أتفاعل مع الشعوب، وأتعايش مع ثقافاتهم وعاداتهم، وآكل مما يأكلون، وأشاهد تفاعلهم مع بعضهم البعض، وتفاعلهم مع الغريب، في كل سفر أكون مرغمة أن أتعايش مع كل ما فيه من تعب، واضطراب، وضيق وقت، وبكل ما فيه أيضًا من أوقات هادئة ولحظات مميّزة لا تُنسى.