حرب صامتة

تحاول علّك تجد حلاًّ للأشياء الزائفة، المُخادعة التي تبدو حقيقية وضخمة ولكنّها في الأصل أبسط مما تتخيل، تحاول ضبط النّفس وتحسين ذاتك. فعل المحاولة هذا بطله مزاجك المتقلّب، المتلوّن والحربائي في طبيعته، بطله أيضا سقوطك المتكرّر ،المطبّات الصعبة ومواقف أكبر منك، وبعض محاولاتك الفاشلة لإثبات قوة دفاعك عن أفكارك.

في رحلتك؛ أنت أمام نفسك بدون حاجز أو حجاب لك بصمتك الخاصّة وأمنيات على مقاسك تناسبك وحدك، لك حياة واحدة ومفاهيم عديدة متنوعة للعيش، لك تميّزك واختلاف في زوايا الرؤية: مثلا بينما يراه الجميع سقف غرفة أبيض تراه أنت سماءَ غائمة وليلة هادئة مليئة بالنجوم، أحبال صوتية لدى كل العالم وصوتك وحدك المميّز يعرفونه جيدا من بين مئات الأصوات،
تشبه إلى حد كبير الرقم “واحد” قادر على التواجد داخل مجموعات عديدة، لكنّك فردي ووحيد بشكل إيجابي، فريد بحياتك، رحلاتك، ومكانك الخاص بك والذي لا يتسع إلاّ لك.

في رحلتك هذه تمتطي صهوة جوادك دون إغفال الدرع لتقاتل من أجلك، من أجل البقاء والبحث عن الحقيقة، قد تكون أمام نفسك لتخوضا معاً حربا داخلية غير مسموح فيها بأن تُظهر كواليسها للعالم الخارجي، وحدك من يشهد سلسلة الهزائم، لتجمع بعدها الألف قطعة منك والتي خلّفتها المعركة مُعلِنا بكل ما أوتيت من جهد عن انتصارك. يسمى انتصارا لأنك تدرك جيدا أنّ كل هذا طبيعي وكان لسبب واضح، وأنه بمثابة وقود يدفعك للسير دون توقف ونظرك مصوب نحو الهدف ولو من بعيد.

تقول رضوى عاشور: ‘‘أنا بطبيعتي مقاتلة، ولكنني بلغت قدرا من النضج يسمح لي بالتمييز بين معركة يمكن أن تحقق أهدافها، ومعارك لا جدوى من خوضها.’’ وهذا النُضج هو انتصارك، نعم نُدرك نحن وتُدرك أنت أنّ الأصعب في هكذا نوع من المعارك هو السؤال ‘‘هل ما نحارب من أجله يستحق كل هذا القتال؟ أو لا جدوى منه مثل ما قالت رضوى؟! خوض حرب ما لتُثبت للعالم أنك من الأبطال، ولتحقيق فكرة أنك محارب لا تصنع منك هذا الشخص، فمعرفة ماذا تريد وما لا تريد، وشجاعتك في إظهار حقيقتك للعالم من الأساسيّات اللي تصنع منك بطلا، وانسحابك من المعارك التي لا جدوى منها لا يعني الهزيمة والخسارة، خسارة المعارك تُكسِبك نفسك أولا، حقيقتك، مشاعرك، ثم صحتك التي تشكّل الحلقة الأهم في هذه السلسلة، وهنا بالذات تكون قد كسبت أكبر معركة يمكنك خوضها في الحياة، أمام نفسك وفي حربٍ صامتة، لتجد أخيرا الحلول بدل حلّ واحد لتلك الأشياء الزائفة التي تحيط بك.

1xbet casino siteleri bahis siteleri