ليتنا نصوم رمضان

مرة واحدة في العام، نجد فيها أرواحنا المفقودة، ونعيد فيتامينات صحتنا الناقصة، جميلة هيَ تلك الأيام برفقة الأحبة، والأروع من ذلك صلاة تجمعنا، وكأن لنا لقاء خاصا مع الله سبحانه وتعالى، شكرا لكَ! والحمد لله على نعمكَ، ثم نطلب الهداية والمغفرة، لعل لنا لقاء آخر في مكان أبيض تراه أنتَ فقط! بعدها نوضح بعض الأمور الغريبة، ما رأيكم؟!

مقالات مرتبطة
جاء شهر “رمضان” المبارك، أدخل معه الراحة إلى البيوت، وأخرج منها الشياطين، أصبحت المساجد يرتفع صوتها بكلام الخالق جل في علاه، وصارت الشوارع تنظف نفسها من بقايا المحرمات الوسخة، الأمة بحاجة إلى هذا طيلة العام لأن الوضع لم يعد كما كان سابقا، أي لم يعد يبشر بالخير أبدا!
شهر “رمضان” المبارك، وضعه الله عزّ وجلّ خصيصا للعبادة والغفران، للصيام والقيام، للصلاة والقرآن، حاولتُ الخروج إلى وسط المدينة لأن الفضول داهمني، رأيتُ مشاهد صادمة، وكأنها حرب قادمة أو مجاعة حاضرة، وكأنها أيام المأكولات اللذيذة والأنشطة التافهة، أظن أن الكثير أخذ عنه مفهوما خاطئا وهذا أمر محزن، رفقا بأنفسكم يا سادة!
أولا نتحدث عن الطعام؛ هناك من  اشترى الكثير من الأكل وكأنه سينقرض، فقط من أجل أن يتباهى على غيره، هناك من يتنافس على تحضير أفخم مائدة أمام عائلته، أيعقل؟! بالله عليكم متى سنرتقي؟! أيها الناس! الطعام الكثير صدّقوا منه، لأن البعض يتمنى فقط قطعة خبز ولم يجدها، أيضا لا يجب نشر مائدة الإفطار احتراما للغير ونحن كلنا فقراء عند الله.
ثانيا نتحدث عن الصلاة؛ هناك أنثى تنتظر التراويح لترضي أحدهم، وهناك ذكر يحلم بالخروج ليلا بغية النظر في اللذّات والملذّات، كيف ذلك؟! أيها الناس! الصلاة ليست حجة للمنكر، والخالق يرى كل شيء لا تنسوا ذلك.
ثالثا نتحدث عن المساجد؛ الرجال تحية خاصة لهم على ترتيبهم المستمر وصمتهم المعتاد في المسجد، فهم أحسن منا وعيا في هذا الأمر بالذات، أما بعض النساء فيقمن بضجة كبيرة في الصلاة، وهمجية مفرطة في الدرس، صداع تافه يجعل الإمام يطلب الصمت وهذا عيب، زيادة عن ذلك هناك من تأتي مزوّقة وكأنها في سهرة، وهناك من تحاول شتم الناس من أجل مكان تعتقده لها، أيها الناس! المسجد هو بيت الله من حق أي مخلوق الدخول له كان كبيرا أو صغيرا، هو ليس إدارة ندخل لها بالرشوة أو نختار المكان المناسب لنا ونحرص على ملكيته شهرا كاملا، والاحترام فيه واجب دون نقاش، اتركوا الصراعات التافهة في الشارع، واحترموا قليلا لباس الصلاة، فالله سبحانه وتعالى يريد الحسن.
في السنوات الماضية، كانت أجواء شهر “رمضان” المبارك رائعة جدا، أصوات المساجد في البيوت مسموعة، أوقات الإفطار من أحسن اللحظات، ومشاهدة التلفاز ممتعة برفقة صالحة، بينما تجلس العائلة على مائدة بسيطة نزلت عليها البركة من الله عزّ وجلّ، وتنتظر الصلاة بسعادة كبيرة منحها الخالق جل في علاه، أما الآن فأصبح كل شيء وكأنه عالم آخر مرعب إلى حد لا يصدق!
قبل ساعات الإفطار أصبحنا نرى مشاهد الجوع كثيرة، المراكز التجارية لا يوجد بها مكان للفقر أبدا، والناس يحصلون على أشياء لا محل لها من الإعراب، القيمة هنا ليست في الأكل، وإنما صبر الخلق انتهى! وفي ساعات الإفطار صرنا نرى برامج تلفزيونية تافهة لا تحترم ذكاء المشاهدين، أعمال غبية تتكرر كل عام دون مستوى يبرز حقيقتها ودون فن ينقذ واقعها، المشكلة هنا ليست في التلفاز، وإنما وعي البشر انقرض! أما بعد ساعات الإفطار فأصبحنا نرى أماكن الصلاة غريبة ببعض النماذج التي تصدر الضجيج وتأتي منمقة، أحاديث فارغة عن المائدة فقط ونميمة حاضرة في غياب الشيطان، حتى الهواتف الذكية لها صوت يستفز حاسة السمع أمام القرآن الذي يريح كل الحواس، ليس العيب في شيء ملموس وإنما جهل العقول تطور!
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، كل ما يحصل في الكون يؤدي إلى الموت عمدا، لا أعلم كيف سنقابل وجه الله بأفعال كهذه، كل شيء تغير حتى رائحة الطعام ذهبت ولم تعد، أتمنى من الله واقعا آخر يجعلني أعيش بسلام مع ديني ودنياي، “استغفروا”.