هي قضية حية لا تموت

دولة مستعمرة وظلم يمارس على مرآى من الجميع، أصوات لا تسمع مهما ارتفع أنينها وبلغ السماء، جراح مفتوحة منذ زمن، لا تجد من يداويها، لا ضمادات تغطيها، ولا أدوية تسكنها، هكذا هي فلسطين الحبيبة، على مدار الأعوام، نفس القصص والمآسي تتكرر، ولا أحد يحرك ساكنا.

ذكريات شتى حولها، عن مواعيد للخروج في مسيرات جماعية داعمة ناصرة للحق، مقاطع فيديوهات، أخبار، وصور، كلها متشابهة. على مدار السنوات الطويلة لم يتغير شيء، لا زالت الدماء تعلو وجوه الأطفال إلى هذه اللحظة، وصرخات الأمهات المتوالية تدوي وتأبى السكون. ألعاب ودفاتر ملونة تأبى أيادي الأطفال ملامستها، تظن ذلك خطيئة، وأصوات القنابل باتت تحب الوقع على مسامعهم.

لكنهم بالرغم من ذلك صامدون، تخيل؟ واقفون في وجه العدو المستبد وقفة حق، حتى وإن طال الزمان، حافظين للأمانة وإن طال الانتظار، عالمين عارفين للحق وإن بعد المنال. بكل ما لديهم من قوة، للعدو مواجهين، لا تخيفهم قوته المدعاة، ولا كثرة الداعمين، هؤلاء الذين هم للظلم والدحض والاستعلاء مؤيدين.

الجميع على مرآى، الجميع يلمح المناكر الكثيرة وهي تُنسج، لكن لا أحد يتجرأ على التغيير، فالأيادي لا تصل، والألسنة باتت عاجزة عن التعبير. أما عن وصية نصرة الأخ كان ظالما أو مظلوما، فقد لقيت حتفها وبلغها التبذير، وصية سامية لكنها لا تنفذ. إخوة كثر منبوذين، وفي الدقيقة الواحدة، تسجل أعداد لمئات من الشهداء والمقاومين، آلاف من الضحايا والمضطهدين، يظنهم الغريب ضعفاء وهم في الحقيقة أقوياء بالفطرة لا تخيفهم بعض من الأسلحة.

تصوب نحو رؤوسهم مسدسات بغضب، وترفع أمام وجوههم أشكال كثيرة من العنف والظلم والكره في مناسبات كثيرة من الجهل والتعالي، مرة قنابل ومرة صواريخ وأحيانا بنادق ظالمة.

قلوبنا تنزف، وليس بوسعنا سوى الدعاء والتأييد، فهم إخوة حقيقيون لنا، نبارك جهودهم وصبرهم وعزيمتهم لأن النصر بات قريبا، وفلسطين حرة لا يقيدها شيء، وإنها ستسلم من قبضة الأعداء يوما، هذه قناعة لطالما تشبثنا بها.

ما يحدث بفلسطين اليوم بعد كل سنوات الاضطهاد التي مرت، هو قصة انتصار، قصة نجاح سيسجلها التاريخ. هو كالسراب الذي يخيل إليك بركة ماء صافية بعدما بلغ العطش منك ما بلغ، غير أن السراب يتلاشى كلما اقتربت منه، وانتصار فلسطين بعد كل هذه السنون بات قريبا حقيقيا جليا لا ولن يتلاشى، لأنه حقيقة، والحقيقة مآلها الظهور للعيان طال الزمان أو قصر، وراية الحق سترفع وسيضحد ذاك الجهل وذاك الظلم ويد العدو ستغل.

من الآمال والمعنويات المرتفعة تشعر بأن الذرات فيك لا تسكن، وفكرة النهوض وقطع كل هذه المسافات بغية التحرير تقبع داخلك ولا تتزحزح، تتمنى لو أن السلطة كاملة بيدك، لو أنك صانع القرار، لو أنك قادر على محو كل هذا الظلم والاستبداد والقهر، لو بيدك نزع الأشواك ووقف الدمار.

أنت تتوق لسماع خبر إمكانية تأدية الصلاة في المسجد الأقصى، والمجاهدون الأقوياء على وشك تحقيق الخبر. أنت تدعو لهم بالنصر، والله بعظمته وقدرته يحثهم عليه فعلا ويؤيدهم تأييدا.

وإن البصر بات يلمح شعاع الأمل في نهاية الطريق هذه المرة، مهما بدا الأمر صعبا، ومهما ظنه الآخرون مستحيلا، سيتحقق. لأن الله معنا، ولأن أمره جل جلاله نافذ لا محالة، ولأنه سيقيم الحق يوما، لأنه حق ولا بد للحق من أن يقام.

1xbet casino siteleri bahis siteleri