“لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ” ومنها “عَن عُمُرِه فيما أفناهُ”. يقاس العمر بالأعمال وبكم السعي والتجارب، إذ بقدر ما تعلمت، بقدر ما زاد الوعي، وتجددت الأفكار. ما فائدة الأيام والأوقات إن كانت تمضي فقط، بجسد يهرم وعقل لا ينضج؟
لطالما مررنا بأوقات فقدنا فيها الطاقة والرغبة بفعل أي شيء، شعور ثقيل وما يزيد من ثقله الإحساس بالخيبة والذنب من عدم الإنجاز، وقد يكون سبب ذلك ظروف خارجية تعصف بكل مخططاتنا، مشاكل طارئة، تسويف وتشتت كثرة الالتزامات، الضغط المتواصل الذي تخلقه رغبة الإنجاز والمسؤوليات الإضافية التي تطرأ تجاه العائلة أو أحد أصدقاء، ولا نصل إلى نهاية يومنا إلا وقد بلغنا أقصى حدود التعب…يوم آخر يمضي بخيبة أمل كبيرة.
لا بد وقد مر أحد منكم بشعور مشابه، أو ربما يمر به الآن! لنكن صريحين أكثر، إن أغلب المهام والأعمال التي يكون من اللازم علينا القيام بها كل يوم، تكون أمورا نتمنى لو نستطيع تركها لوقت آخر، أو عدم القيام بها بتاتا. لكن إذا اتبعنا تلك الرغبة فهل سنتمكن من إنجاز شيء؟ تمر معظم أوقات الحياة والناس تقول: “لم يحن الوقت” ثم “فات الأوان”. لا تتبع دائما رغبتك ومزاجك أو تنتظر الشعور بالتحفيز والطاقة حتى تبدأ القيام بمهامك.
لطالما أثار انتباهي ما يعرف ب “نظرية الدراجة” فالدراجة عند ركوبها لا يمكن أن تسير بنا في طريق مستقيم واضح، بل نضطر إلى الانحراف لليسار وقليلا نحو اليمين، كما أننا قد نسقط حتى نحقق الاتزان. هكذا نستمر ونواصل تصحيح مسارنا حتى نصل حيث المبتغى.
كلنا نسعى ونطمح لتحقيق حلم، مشروع، نجاح، فكرة، عمل… نحسب ألف مرة ومرة دون أن نعلم من أين سنبدأ ننتظر أن تأتي الفرصة وتكتمل الظروف المثالية. يمضي الوقت وتمضي الأيام وسنين عمري تتساقط كأوراق الخريف من دون جدوى لأجدني مجددا ما زلت أقف في نقطة الانطلاق مصابة بالجمود دون أي خطوة.
لا داعي للإسهاب في التفكير، خزانة الملابس غير المنظمة أحيانا تظهر لنا أنها مليئة، لكن عند تنظيمها نجد أن هناك متسعا كبيرا للمزيد من الملابس، وكأن تلك الملابس تقلصت كذلك هي أيامنا وهنا تكمن الأهمية. دائما ما نحاول تنظيم أوقاتنا ومهامنا، ولا شك أن هذه المحاولات تمر عبر “القوائم اليومية” أو ما يسمى بـ “To-do list”، هذه الأخيرة لها طرق عديدة تختلف من شخص لآخر، ما علينا سوى أن نبحث عن الطرق ونمضي للتجربة والتقييم، حتى نجد الطريقة الأنسب لظروفنا ومهامنا دون أن ننسى أخذ المتغيرات بعين الاعتبار.
عند وضع الخطوات يجب عدم رفع سقف التوقعات إلى غير المعقول، خطط بشيء معقول. وابتعد عن قائمة المهام الطويلة بدون دوافع واضحة فهي لن تكتفي بجعلك غير منتج بل ستشعرك أيضا بالقصور والوهن.
1. يجب قبل كل شيء أن تكون أهدافك واضحة واسأل نفسك:
- ما أولوياتك وأهدافك حاليا؟
- ما الأشياء الأكثر أهمية والضرورية في حياتك بمعنى الأشياء التي من المفترض أن تبذل طاقتك فيها وجهدك؟
2. التخطيط لليوم مهم وإن استهلك منك بعض الوقت، إلا أنه في الحقيقة سوف يوفر الكثير من الوقت في مرحلة التنفيذ.
3. بعد معرفة أهدافك، ابدأ بوضع المهام ففي هذه المرحلة نحتاج للتصفية عبر تقسيم المهام حسب درجة أهميتها، والتركيز على المهام الرئيسية بدرجة أكبر من خلال إعطاء الأولوية للمهام الصعبة، ثم الانتقال للمهام غير الضرورية أو غير المستعجلة، وإذا كنت شخصا له مهام كثيرة يوميا يمكن توكيل بعض المهام لشخص آخر لتخفيف العبء والضغط.
4. تجنب القيام بعدة مهام في وقت واحد multitasking، وهنا أقصد المهام التي تحتاج لتركيز كبير لإنجازها بكفاءة.
5. حاول أن تجعل مهامك أكثر سهولة من خلال التخلص من الأشياء التي تسرق وقتك من عادات سيئة وغيرها.
6. لن تتقن أو تملك أي شيء مالم تعطه من وقتك الكثير، وتبذل الجهد وتلتزم به، وكقاعدة “لا يمكنك إنجاز شيء ما لم تستمر فيه”.
7. بعض أنواع التحضير والتخطيط قد يكون بمثابة مخدر للشعور بالإنجاز، وبالتالي إذا كانت القوائم على الورق بلا عمل فلا قيمة للشعور بالإنجاز دون المخاطرة.
8. “لا تحاول ربط قيمتك بالإنجاز”
من الأشياء التي تجعلنا أكثر إنتاجية أن نكون على معرفة بذواتنا ننجز لأننا نحب ذلك، لأن الدراسة، والعمل وغيرها من الأشياء تجعلنا نطور من إمكانياتنا ومهاراتنا، تمنحنا فرص أكثر حتى نعيش حياة تشبهنا، فهي أشياء نحب أن نترك وتترك فينا الأثر.
وأنت تخوض رحلة السعي في هذا العالم العجول، تذكر أن سلامك الداخلي أهم من الإنجازات والأهداف المادية. سوف تصل للأيام التي ترى تلك الثوابت التي وضعتها تكبر يوما بعد يوم إلى أن تصبح عادات لن تستطيع التخلي عنها، وترى أهدافك تتحقق بتلك الخطوات الصغيرة التي كنت تخطط لها كل يوم، بيقين تام “أن القليل الدائم خير من كثير منقطع”.