قراءة في كتاب فلسطين…واجبات الأمة لراغب السرجاني
“المعركة الحالية هي معركة وعي بالدرجة الأولى أكثر مما هي معركة سلاح!”. هي حقيقة لا يمكن إنكارها اليوم خاصة مع التضليل الإعلامي الكبير الذي يشهده عالمنا. ولعل أبرز الوسائل وأهمها في معرفة الحقيقة وزيادة الوعي هي الكتب التاريخية؛ فهي التي تحمل خلاصة فكر صاحبها وما عايشه من تجارب ووقائع شاهدة على التاريخ. غير أن كتاب اليوم من طراز رفيع، يحمل من الأفكار والأبحاث والمعلومات التاريخية والدينية ما يمكن أن تحمله العديد من الكتب متفرقةً، رسالته الأولى أن لكل فرد من الأمة -مهما كان سنه أو جنسه أو وظيفته- دور في نصرة القضية الفلسطينية.
كتاب فلسطين…واجبات الأمة للأستاذ والدطتور راغب السرجاني الذي عرف باهتماماته بالتاريخ الإسلامي وبقضايا الأمة الإسلامية سواء عبر كتاباته المتعددة أو خطاباته على الفضائيات والإذاعات المختلفة.
غالبا ما يكون الجواب عن سؤال: “ما دورك في نصرة القضية المقدسية؟” هو “لا أملك سلاحا للدفاع عن فلسطين” أو” لا أملك قوة الجهاد في سبيل تحرير الأرض المقدسة” وعندما نسأل: “ما أولوية القضية الفلسطينية المقدسية في حياتك؟” غالبا ما يكون الجواب: “أنا لست فلسطينيا لأهتم بها”.
يشرح لنا كتاب فلسطين..واجبات الأمة هذه المغالطات بالتفصيل ويفندها مقدما مجموعة من الأدلة الشرعية والتاريخية. فمثلا، عن مسألة “صغر السن للدفاع عن القضية” فإنه يخصص فصلا كاملا من الكتاب عن واجبات الأطفال، ويقدم فيه من الخطوات العملية البسيطة التي تليق بسنهم والتي وجب أن يتربى عليها كل طفل مسلم. ومن ذلك: تحريك القضية في أوساط الأطفال بما فيها المدرسة والبيت والمجتمع سواء عن طريق تنظيم مسابقات أو حفظ أناشيد…
أما مسألة” ظروف عملي تمنعني من نصرة القضية الفلسطينية!” فيقول الكاتب: “على كل مهني يستطيع تقديم جزء من وقته أو خبراته فلا يبخل؛ فهذا سلاحه، وها قد دعا الداعي للجهاد، والساحة خالية، فليتقدم.” والمهني هنا قد يكون مهندسا أو حرفيا أو عاملا أو زراعيا أو محاميا…وقد خصص لكل مهنة على حدة واجباتها التي تليق بالتخصص الذي تندرج ضمنه.
أما عن الشباب “مستقبل الأمة وبنَّاؤوها” فقد أدرج الدكتور راغب السرجاني سبلا عديدة لتجديد نية الجهاد في نفوسهم. ولا نحصر الجهاد هنا في معنى دخول ساحة القتال فقط، بل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالكم، وأيديكم، وألسنتكم.) فإصلاح النفس أو ما سماه الكاتب “مشروع شاب نشأ في عبادة الله” وجب أن يكون أولى أولويات الشباب المسلم. ويقول في ذلك: “ولن تتحرر فلسطين إلا بشباب نشأوا في طاعة الله وساروا في سبيله.” إضافة إلى دراسة القضية من منطلق ديني وتاريخي يساعد على فهم أبعادها، حتى نتمكن فيما بعد من إيصال الصوت الفلسطيني العربي الإسلامي إلى كل المسلمين أولا ثم إلى العالم أجمع، باعتبار القضية قضية إنسانية تمس كل إنسان مدافع عن الحرية والعدالة ورافض للظلم.
وهكذا تكون الأخوة في الإنسانية دافعا ذي أهمية بالغة للتفاعل مع قضية حساسة كالقضية الفلسطينية، لذلك فقد كان للكتاب نصيب من هذا أيضا وخصص لغير المسلمين فصلا خاصا عن دورهم في توجيه انظار المجتمع الدولي صوب الظلم الواقع في فلسطين.
هذا والكثير مما جاء بالكتاب، وإليكم بعض اقتباساته:
“وثقي الأحداث بما لديك من موهبة، وانصري الإسلام بكلمة، وكوني مناصرة للمسلمين بالكلمة والرأي.”
“أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقُم على أرضكم.”
“الجهاد له سبل شتى، لا تقل في اجرها ولا في تأثيرها عن الجهاد المسلح؛كالجهاد بالمال، وبالكلمة والمقاطعة الاقتصادية، والتضامن المعنوي، وأن لكل فرد من الأمة دوره في هذا المضمار، وليس لأحد حجة في التخلف والتخاذل والتراخي.”