رسائل غريب -الرسالة الأولى-

صديقي الغريب، صديقتي الغريبة، لقد طالنا الصدأ حقا وعدنا مرهقين نجمع شتاتا لعله يصير حلما. أعلم جيدا أنك يا صديقي متعب، وربما مثقل، وربما فارغ لا تدري ما بك. وأنا أكتب إليك هذه الرسائل العابرة لعلك تجعلها بلسما وعود ثقاب يشعل فيك نار الشغف، شعلة الحب. هل أوقظك، هل أحرك شيئا في باطنك، لا أدري حقا، لا أدري شيئا سوى أنني قد عزمت أن أكتب إليك هذه الرسائل لعلنا ننتشل بعضنا البعض من الخواء.

ما هدفنا الحقيقي من الحياة؟ هذا سؤال راودني طوال سنواتي الماضية، أما إجابته الحقيقة فهي بحد ذاتها رحلة طويلة مرهقة، لكنها تستحق العناء. الحقيقة يا صديقي، ما الحقيقة؟ وسط كل هذا الضجيج الذي قد يحيطك وذئاب تنهش لحمك. وسط أسواق النخاسين الذين يبيعون عبودية عصرية جدا، هل تساءلت يوما ما عن هذه العبودية الجديدة؟ أنا أتساءل كل يوم، وأجد جوابا يسوقني إلى سؤال جديد، وهذا الشيء بحد ذاته يجعلني شغوفا لأواصل الطريق، فهل أنت يا صديقي عازم على الوقوف ومواصلة البحث كما أفعل، كما يفعل سيل من الغرباء وسط طرقات الحياة المنشقة من معنى الحياة.

هذه رسالتي الأولى، فلا تترك يدي باكرا. السؤال يا صديقي، السؤال سلاح عظيم، ولا طريق دون سؤال، لا حقيقة دون سؤال، لا جواب دون سؤال، بدون سؤال يا صديقي ستبقى صنما لا يتحرك من مكانه. السؤال يا صديقي يحثك على البحث، والبحث يظهر لك طرقا مختلفة، تبحث فيزيد شغفك. السؤال يا غريب هو بداية الطريق.

يقول أوسكار وايلد إن الإجابات متوفرة دائما، لكننا نحتاج أن نطرح السؤال الصحيح فقط. فهل أنت يا صديقي تطرح السؤال الصحيح الذي سيجعلك تمضي سريعا نحو جواب تنظره. السؤال يا صديقي يجعلك تفكر باحثا، تفكر متأملا كل ما يحوطك، وما قد يساعدك على الوصول إلى مرفأ الجواب.

مقالات مرتبطة

أنت يا غريب بسؤالك تعيش رحلة جديدة، تبحر بعيدا في محيط ممتلئ بأجوبة شتى، تغوص أحيانا وتلقى ما يسرك، وتعبر بسفينك طويلا وقد لا تجد شيئا. ربما تلقى سؤالا جديدا، ربما جوابا مبهما، لكنك تبحث فتغدو شغوفا، ولا وقت لديك لأي شيء آخر.

هل تتأمل عدد الأسئلة التي طرحتها بين أسطر هذه الرسالة؟ هل فكرت في إجابة لها، أم أنك تمر مرور العابرين، لا تفعل، لا تترك السؤال معلقا أبدا، لأنه سيثقلك، فتعود فارغا. تتساءل، كيف يكون المرء مثقلا وفارغا في نفس الوقت؛ حين تكون مثقلا بسؤال فلا تبحث عن جواب له فأنت فارغ صديقي.

حين تطفئ شعلة الحب في صدرك مبكرا فأنت فارغ، حين تنسى فطرتك وتصبح ورقة يكتب فيها الآخرون ما يشاؤون فأنت فارغ. لا تكن فارغا أبدا، كن مشتعلا، كن شغوفا صديقي الغريب. أشعل نيران السؤال في باطنك، ولا تجعل رغبتك الملحة في جواب يطمئنك تخفت سريعا، فربما يحمل سؤالك كل ما تكنه من شعور مخفي. ربما تكون أسئلتك دعوة لحضور أجوبة غائبة منذ زمن سحيق، ورسالة تطلقها نفسك لعلها ترتاح قليلا. لعل أسئلتك التي تثقلك يا غريب تحتاج فقط أن تنطلق كالسهم نحو الخارج، لعل الجواب أقرب مما تظن يا غريب، ولعل السؤال أهم بكثير مما تعتقد.

يقول ألبرت أينشتاين إن أهم شيء هو ألا تتوقف أبدا عن السؤال، فلا تتوقف يا صديقي الغريب وتساءل! لا أريد لرسائلي أن تطول فتجعلك تيأس منذ البداية. هذه رسالتي الأولى لأتركك مع أسئلتك ونار الشغف التي تقوم بإطفائها كل يوم. نلتقي قريبا في رسالة جديدة يا غريب، دمت سالما.

1xbet casino siteleri bahis siteleri