الانتظار…أصل الحكاية!

بِتُؤْدَةٍ وهدوء، ومشاعر مختلطة أُدوّن ما كان على ناظري يتدفّق! يبوح النّص بمكنونِه في مُتّسعٍ للصّفاء الطّفولي، وحتى يستعيد المرء عافيّته، يضيع النّص ويُنسى ولكن يبقى الشعور! مُلابسات الحادث، أو حيثيّات الفاجعة أو تلك الفرضيّات الاستباقيّة لما يدور حول الحدث، فرضيّات وغيرها كلّها تركناها للسّبْق الإعلامي الذي غطّى الحدث، باحترافية موزونة يُشهد لها، من بعيد ومن قريب، حتى أضحت قضيّة ريّان، قضية إنسانية. إنّ الفكرة لا تنحصر بالمشاهد الدراماتيكية لعمليّة إنقاذ الطّفل ريّان، وكل هذا التّعاطف العظيم للأمّة قاطبة عبر العالم، بل في فكرة أعمق ألا وهي قيمة النّفس الواحدة!

ولِـحِكْمة يُفسدها التّفسير نستأثر بدوافع المحبّة عندما نُروّض أنانيّتنا المتمرّدة بضمير حيّ مسالم، استطاع ريّان من موضِع قدَرِه هكذا أن يروّض أنانيّتنا البشريّة المتمرّدة فعلاً، صوْب جسّ نبض القلوب المختلفة، التي تآلفت بالإجماع، لقد كان الجميع يمنّي النّفس ويقنُت بالدّعاء.

مقالات مرتبطة

لا دليل في التّيه الحالك أصدق من القلب، ولا طريق وسط ضجيج الأذهان غير الصّمت والتّرقّب! ومضة أمل، لم تهب عاصفة السقوط لعُنوّة الصّدمة الأولى، بل آمنت ببعثها في جوف عتمة الجُب، صمود أثيريّ، يقاوم به وحشة وحدته القاتمة! وهو في هكذا عمر الزهور، يضيق الكلام في وصف مثل هذا الشعور! واللّه أعلم بحال، حكاية لم تنته عند من سبقوا ولن تنتهي عند من سيُقبلون، الانتظار، أصل الحكاية، الانتظار مُرهق! ولعلّ الأمل سلوى كل مترقّب على شُرفات هذا الانتظار، عسى أن يملأ من غائبه نظراً، أو يسمع عنه خبراً، واللقاء من القضاء يجري مجراه!، وكان الذي كان، قدّر اللّه ما شاء فعَل.

لا أحد يستطيع أن يأخذ مكانك ويملأ هذا الفراغ الذي تركته، ولا عليك من صمتهما الذي يصمّ الأذان بصراخ الرّكبان، وانطفأت الأضواء التي كانت تنبعث من كل مكان، وهو وليّ الضعفاء وفاقدي الحول والقوّة، وتذكّر أنّهما صارا بيننا صورة لك، وللصّبر والصّمود والكبرياء، وقد أوصلا رسالتك بكل أمانة، بأنّ الكون بكامله، أسرة واحدة تسمّى البشرية، ورغم كل عمليات التجميل والمساحيق العرقية تبقى البشريّة بنفس الملامح التي تعلو وجهها، الخوف والبكاء والهلع كندبات في الوجه، والأمل والتفاؤل والبسمة كخالات، وستبقى أنت يا ريّان، كثغرة الزّين التي رسمتها على وجه الإنسانيّة، وتجدنا نردّد، تُرى! كيف أصبحت يا ريّان وقد أبْدلك اللّه عنْزَتك بأجمل منها وعوّضك خيراً منّا.

وللّه الأمر من قبل ومن بعد، إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، ولا نقول إلّا ما يُرضي ربّنا، لنكن على يقين بأنّنا لسنا، بأعلم، ولا أحكم، ولا ألطف من اللّه وأحكامه بنا وبوالديْه، وبريّان نفسه، لقد أدّى ريّان رسالته، ولقد بلغت الدعاوي المنتهى، ولتصنع دعوة ريّان ورسالته أمرًا ينقذ من سواه، يبقى التعاطف سيّد الطّباع في هكذا مواقف حتى لو كانت الأسباب استعراضية أو افتراضية أو وهميّة! نريد أن تقف الأمّة كلّها على قدم واحدة، إذا ضاقت الأرض بطفل من شفشاون المغرب، أو جزر القمر، أو بلاد الشّام سوريا، أو فلسطين الأبيّة، ستكون نبراساً لنتعلّم الدّرس فنُنقذ من لا يزال بيننا في أشباه ريّان، في أُمّتنا كثير، بل وكثير جدّاً.

1xbet casino siteleri bahis siteleri