بَـوح…بِنبْرة التّشافي!

ويحدث ألا تتعمّد الانتباه بينما تقع الأحداث داخل منطقة الشرود! ما بين الأحلام ويقظة وقت بدل الضّائع، قبل رنين المنبّه! ها أنا ذات، أكتب نصّاً من حروف مبعثرة، لأجمع بعض الأجزاء التي اصطادَها تركيزٌ نادر للذّاكرة، ماذا أكتب؟ وما أنا بكاتب؟

سأحاول تدريب حروفي على التذكّر، وإن يكُ في جُعبتك بعض دليل على أنّ المعنى لا يثوي في الأشياء قدْر ما يتسلّل إلى تضاعيف البوح، غيمة الشوق ترمي بجدائلها سحراً في بوحك، وحنين يباغتك كُلّما لاحت الذّكرى! فيه من كمّية المشاعر ما تجسر طوفاناً من المعاني، على السفوح المنحنية صوب باب الذّات، حين تقف من زحمة الانكسار وحين تُشعِل مصابيح الأمل في وجه التداعيات داخل طقوس الماضي، شهيق الظّمأ في الكتابة ببوح عال يخترق اللفظي في اللغة، حين تتجاوز المعاني جسدية المكان، تعظم الكتابة وأستهولها، كما يشعرني شأنها بالمهابة، خشية أن أفضح ما تحجبه الألفاظ محاولا نثر صور عابرة والجمع بين اللّامرئي إلى المرئي.

مقالات مرتبطة

هي ذاكرة حسّاسة لحنين مُعتّق بخيالات لا تنتهي من الندامة على ما فات وقرارات محصورة بين ازدواجية التردّد والخوف لا بديل لها أو استبدالها، سوى التكيّف والتعايش مع حواصيلها، يقابلها إنشاد أمل ولو بتفاؤل مستعار! تفر الصّور في معتّمات الذكريات إذا ما تنفّس، إلى مسرح الحنين، وتحتار ملامح الكلمات في وصف عجزنا على أنّه ضعف أو تلاش في وهلة الانبهار، مقيّدة ضحكاتنا، كأيّ حلم نسيناه، كأيّ أمنيّة دفنّاها على أمل أن يحقّقها الغد الذي أخلف وعده أو نسي!

تعيش هذا القلق المُستفز، حين لا ننسى فكأنّ الذّاكرة تتعاطف مع الجرح أكثر من التعافي وأنّ الصّلح الذي يقدّمه العقل على شكل اللامبالاة أو التعايش هو مرحلة وسيطة، في عالم هجين نبتعد فيه عن ذاكرتنا، ومساوئ هذا الابتعاد هشاشته، فالنّكسات توقظ ذاكرة جديدة فينا لنتألّم من جديد! نحن عرضة للفقد والاغتراب، كلّما أدركنا ما فقدناه! رحلة تأمّل في الوعي حين المكان يتقمّص مجالاً للحرّية، وحين تُعاد الأشياء ثانية في الذاكرة هي لحظات نشتاق إليها في هكذا وحدة إنسانية مع الذّات، برغم تفاصيلها وصورها ومجالاتها التي تنتجها الظّروف، رُبّما تكون قاسية في زواياها كما هي لحظات نجاح وفرح وسعادة، حيث تتوقّف بنا الذاكرة في زمن معيّن، لنستحدث النّسيان في آخر إصداراته! بحاجة لنسيان مُتّزِن والذي يُبنى على الابتعاد فالأماكن ذاكرة البؤس.

متى يذهب بريق ما هو جديد، متى تنقشع غيوم الوهم الرّائع لكنّها تستر ما لا ندري! متى يستحب البرود من خمول الشغف الجسدي إلى إطفاء رغبة الأرواح، متى يعود للعقل عقله، ومتى يخرج القلب من قلبه، متى تبدأ الكلمات بارتداء صفة المعلومة وليس ما تحمل من شعور؛ ثم تواري وحشتك وتخفي آثار اشتباه فيك، اشتباه الإحباط وعدم الاستسلام لا كنت تريده، وعلى ضوء حكمة ثاقبة نستشف بأحقّية عدالتها {لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ } [الحديد: 23] وقول الرسول الكريم: ((وأنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.))

1xbet casino siteleri bahis siteleri