لا حكاية

ما أقوله الآن هو من أسخف السّخافات وأتفه التّفاهات! ها أنا بدون أدنى حيلة في حضن هذا الفضاء الغابوي الفسيح، الذي يعدّونه فُسحة للَفظِ الزّفرات الحرّى، وتحت أشجار السّنديان أتعفّن مللًا، أكاد أنشطر إلى نصفيْنِ من جرّاء بعض نوبات الغيظ التي صارت تصفعني في كثيرٍ من أيّام الأسبوع. أحسب أنّني أعاني مرضًا في الدّاخل!
لست أدري حقّا من أين ينتابني هذا الشّعور المتعفّن، الملوّث، تفوح منه رائحة الموت! أهذا كلّ ما يمكن أن يناله المرء بعد يومٍ مضنٍ من التّفتيش والتّقليب بين ثنايا الأوراق والكتب!؟ أهيَ مكافأة المساء!
يا سادة هناك أسئلة ترهقني وتعذّبني تعذيبًا! ما لهذا المكان يغلي بالثّنائيات ويفور بالهاربين من خُوار المدينة وألمها الدّاخلي، المشحون بالحزن والأسى!؟ هل يغرفون السّعادة من عشبه الأخضر!؟
– لست أدري حقّا!
حاولتُ أنْ أفعل مثلهم فكاد نَفَسِي يبلغ حنجرتي، هكذا أعيش على هذا النّحو منذ زمنٍ بعيد، لا أحبّ الانزياح عن سياجي، الذي يؤطّرني ويشعرني بالأبّهة والجمال، رغم عجزي عن تغيير سلوكي والتخلّص من هذا القيد. ما هذا التّناقض!
هو يحميني ويكسيني مهابة وإجلالًا.
 – يتراءى لي بسبب غروري المفرط أنّي أرفع كعب الأشياء التي تمثّلني رغم ما تثيره من حنقٍ لا يعجبني، وأحطّ من قدر الأشياء التي أرغب أن أكونها!
مقالات مرتبطة
– أيمكن أن أكون الوحيد من بين هؤلاء الذي يشعر بهذا الغثيان!؟
– حقّا لست أدري!
لستُ قارئًا لما يعتري أذهان ونفوس البشر، أنا لا أعدو أن أكون من بين الذين قتلهم اليوميّ ولولبهم في دائرة مغلقة، كما أرهقتهم التّراكمات.
 – نعم تراكمات الحياة البئيسة، التّي علينا خوض مجرياتها وتطبيق ما يُملى علينا بالحرف، كمعادلة رياضيّة يعدّ الخروج عن إطارها النّاظم قتلًا لحلّها!
 هلوسات اعتدتُ عليها، صرتُ أعيش داخل قوقعتها بنَفَسٍ واحدٍ وراحة مزركشة بالمتعة الخائنة، كيْ لا أضع مشنقة في حنجرتي، حنجرتي الصّغيرة التي تعتلي سقف عنقي.
– أمزح فقط! دعابة من عالم الأموات، من مذكّرات البؤس. تخيّلوا ذلك. أيمكن أن أفعلها!؟
– حقّا لست أدري!
أعتقد من الصّعب جدًّا أنْ أفعلها، أنا أكبر من هذا الهراء، من هذه السّخافات التي تقتحم قلوب الضّعفاء، من ضاجعوا دواخلهم بحبّات اللّاشعور!
 – بعد أن وصلتُ إلى هذا السّطر لن أحمِّل نفسي طاقة تشذيب الكلمات وتنميقِها لتنال إعجابكم وتزهر في بيدائكم، لا يهمّني غيرُ ترجمة صمتي، أنا أفكّر بصوت مرتفع لذلك يصل آذانكم حديث نفسي، حتّى وقد خُيِّل إليّ في بعض الأحيان أنّ كلّ المارّين ينظرون نحوي لأنّي وحدي وهم جميع.
– سحقًا!
1xbet casino siteleri bahis siteleri