إلى زوج المستقبل

أيها الزوج المستقبلي الذي أجهله لحد الآن.. اسمح لي أن أفضفض قليلاً، أفصح عن ما يعتمل بدواخلي، أعبر عن كل ما حملته عنك مذ وعيت على نفسي إلى الآن، إنها خلاصة تجارب حياة قاسية إذا أصخ السمع جيدا، هذه الحياة في حد ذاتها معجزة. إنك لست موجودا الآن وجودك من عدمه متروك لأمر القدر، إن قدر لي خوض تجربة الزواج فأرجو أن تتلقى مني هذه الكلمات.

إن الزواج فكرة مرعبة بالنسبة لي، كانت ولا زالت تضرب بجذورها في أعماق وجداني فتهتز أركان قلبي، أخشى ألا أحسن الاختيار، أن يبلغ بي العمر عتيا وأنا في طور البحث عما قد يصلح لتقاسم أعباء الحياة ولا أجد. لا بأس، فكرة عدم وجودك أهون لي من وجودك الخاطئ. اسمع مني، أنا فتاة مرهفة، لو قررت أن تكمل رحلة الحياة معي على نفس القاطرة فأريدك معي دوما حتى نعبر معا إلى الوجهة المحددة وألا تتركني في أول محطة، لا أريد منك سوى أن تهب لي صدقا ووفاء، إن فعلت فقد أعطيتك كل كلي بثقة معصوبة العينين.

اعلم أيها الزوج الصالح أن الحياة قاسية للحد الذي لا تطاق؛ فأن تكون سندا على الأيام المريرة وسكنا يحتضن حزني ويكفكف دموعي أكن لك كل الدنيا، سخية أنا لا أعطي مشاعري بالتقسيط، أعطيها دفعة واحدة لمن يستحق، أنا ما أزال في طريق تكوين ذاتي، أجاهد نفسي لأملأ طريقي بكل فضيلة ومعنى جميل في الحياة، أتزود بما يمكنني من أعيش معك مكتفية بذاتي قادرة على مواجهة كل ما قد يعترض طريقي، أمنح نفسي الفرص لأتعلم أكثر وأقرأ أكثر وأكون بالفعل خير رفقة لك، أن آتي على مقاسك تماما، أن تفخر بي وتهب لي مكانا خاصا في قلبك.

إنني في خضم كل هذه المرارة المحيطة بي أقاوم لأحسن من نفسي وأطور من ذاتي ليس من أجلي فقط بل من أجلك أيضاً، لأكون بحق خير زوجة، ما زلت أتخيَّر لي ولك أريد أن نحيا معا حياة هنيئة نكون فيها على وفاق. أن لا يجد الشر طريقا إلينا، أتمسك بك وكأنك آخر ما تبقى لي، أضحي في سبيل تحصيل كل الراحة لك نتقاسم معا الأفراح والأتراح، أود أن أفصح لك أنني رغم ضعفي وهشاشتي فإني قادرة على الإبحار معك حتى نصل لمرفأ أمان، وما زالت فيَّ بقايا طفولة لا أستوعب تماما أنني غادرتها إلى النضج ومسؤولية خيارات الحياة وما يترتب عليها، إذا كنت تستطيع فقط قدس وجودي وأن تفعل هذا حيث أنت في عالم الغيب فادعُ لي بولاية الله وحسن تدبيره، ليكن دعاؤك من أجلي ومن أجلك.

كان يمكنني أن أختار السهولة، أن أرجّح الراحة على الفكرة، أن أجدك بأيسر الطرق وأنعم بك ولكن مبادئي أجبرتني على طرق صعبة، أسمع كلامًا كثيرًا يجرحني، يبخس من قيمتي، مظهري، طموحاتي، أحلامي التي عرقلت فرصة ظفري بك… يقولون لي غدًا ستنسين كل هذا ولن تفكري إلا فيما فعلتِه بنفسك، ستشيخين وتتجعد الملامح ويهرم الجسد ولن تجدي من يلتفت لك ولو بنصف التفاتة، وعندما أوشك أن أنهار تحت الضغط أتذكر سؤال الله لي عن أمانة الاختيار، وأتخيلُك أنت؛ أتخيل أطفالي يسألونني يومًا ما لماذا أسأت إلينا هذه الإساءة واخترت أبا لا يليق بنا.

إننا لم نلتقِ بعد، لكنني رأيتُك في منام، وأعطاني هذا أسبابا جديدة للتمسك بفكرتي عما ينبغي أن تكون عليه حياتي وحياتُك، أريد حين أراك أن يُمكنني القول: “لقد ثبُتُّ في هذا الاختبار يا رب ولم أنهزم لارتباكاتي وثقوبي التي أحفظ مواضعها”، وأن أضحك لك وأنا أخبرك أنني أديت أول واجباتي تجاهك على أجمل وجه وتحملت في سبيل هذا الكثير.

لطالما تخيلتك، لم أتخيلك شكلا بقدر ما رسمت لك بخيالي قلبا نقيا طاهرا وعقلا متفهما ناضجا يستوعبني ويستوعب تقلباتي المزاجية، تأخذه الغيرة علي، يحيطني بدفء حنانه، يربت علي ويتلقفني عندما أنهار، أرجو بالفعل أن تكون كذلك, فلتعلم أني لا أريد منك شيئا ولا أطلب أشياء تعجيزية، أمانيّ بسيطة مثلي فقط كن حقيقيا معي، اكتف بي وهون علي تعب ومشقة الطريق.

أيها الزوج العزيز القابع غي غيابات الغيب، الصديق والأخ ورفيق الدرب، ستعجز يومًا ما وتخفق في تحقيق ما صبوت إليه، ستضيق بك الحياة، اعلم وقت ضيقك أنك ستجدني إن شاء الله خير سند لك، حضني هو موطنك وملاذك الذي يحميك من صقيع الحياة، سأعينك على كل شيء وأمنحك مساحة خاصة بك، لن أراقبك ولن أترصد تحركاتك، ثق أنني مجرد رفيقة وشريكة حياة لا أن أتملكك وأقبض على زمام حياتك، وإذا نظرتَ إليَّ طالبًا النصيحة سأُخبرك بثقة: “إذا كنت صادقًا ومبادئك فاضلة فسيمنحك الله في كل خطوة أسبابًا أكثر للتمسك بمبادئك، ستُختبر فيها لا شك، لكنك ستُعانُ عليها ولو بعجزك عن تخطّيها والتغاضي عنها، وسينقذك الله ببعث قلبك فجأة في كل مرة توشك فيها أن تخضع للنمط السائد أو تنهار تحت الضغوط.”

أخيرا، اعلم أني إن لم يقدر لي الظفر بك في هذه الحياة الدنيا فلا بأس، سأعيش على أمل اللقاء بك في مقام أعلى وأفضل في جنة عالية عند رب العالمين، وأرجو أن يرزقني الله تعالى قلبا صابرا يتحمل ثقل الحياة بمفرده، يشق الطريق متوسدا الوحدة ومستعينا بالله تعالى.

1xbet casino siteleri bahis siteleri