طالما الفرص سانحة، فحاول!

لكل منا أحلام وأهداف لطالما أردنا تحقيقها على أرض الواقع، لكل منا معتقدات وأفكار نؤمن بها ومبادئ لا يسمح لأحد المساس بها، وكم سئلنا مذ كنا صغارا: “ما حلمك؟ ما الذي تريد أن تصبحه عندما تكبر؟” فكانت براءتنا هي التي تجيب مكاننا، كان الكل ينطق بما تمليه عليه أفكاره الطفولية، أريد أن أصبح طبيبا، وآخر طيارا، وآخر تراه يجيب بأنه يريد أن يكون أستاذا.

كل منا قد رسم في ذهنه شيئا أو شخصا أو قدوة يريد أن يصبح مثلها، لا لتحسين ظروف عيشه بل لما كانت تمليه علينا معتقداتنا ومبادؤنا بأنه لا بد أن أمتهن وظيفة سأساعد بها والدي وأشرف عليهما، أن أجعل أقربائي فخورين. في المقابل، ترى بعضا منا يدرس بكل جد ونشاط، في حين يتهاون بعضنا الآخر، وكأن ذلك الهدف سيأتي رغما عنه.

تمر الأيام والسنون، ونستبدل أفكارا بأخرى، وأهدافا أخرى تلائم نضجنا الفكري والعقلي، وفي كل مرحلة تستضيفك الحياة في أوسع جناتها وتقدم لك أبهى صورها؛ بحيث تجعلك تشعر أن كل شيء كامل لكن في لحظة تهدم تلك الأفكار وتقدم لك جانبها المظلم وكأنها تقول: إن الحياة لا تتخذ وتيرة مستقرة بل لا بد من الهدم والبناء من جديد. قد تقدم لك رحلة الحياة مختلف العراقيل لتجعل منك شخصا قويا لا يهاب الصعوبات، أو شخصا ضعيفا يخاف كل مرحلة ولا يجرؤ حتى على الحلم، فيبقى همه الوحيد هو التنفس وجعل الآخرين يعيشون ما كان هو بذاته بصدد رسمه في مخيلته.

قد يختلف الكثير منا في كيفية العيش والطريقة المثلى لاستغلال الحياة، حيث يراها يراها من زاوية مختلفة؛ هناك من يقول إن المال هو رغد الحياة، وهناك من يقول إن الصحة هي وقود الحياة، تختلف وجهات النظر حسب معتقداتنا ومجتماعاتنا التي عهدنا العيش فيها وتبنينا أفكارها التقليدية، لكن، دعني أخبرك أن وقود الحياة هو وجودك؛ لأن وجودك بحد ذاته معجزة عظيمة بعد طول نزال وصراع من أجل البقاء لتكون أنت في هذه الدنيا وليس شخصا آخر، وبالتالي، ما كان وجود كل شخص منا في هذه الحياة واقعا إلا وكنت من سمح بذلك لولا ذلك النزاع في رحلة البقاء.

مقالات مرتبطة

من جهة أخرى، وراء وجودك رسالة وحكمة متخفية وجب معرفتها، من خلال التجارب ومن خلال مختلف ما قد تقدمه لك الحياة. بالتالي، فإن الوقود الحقيقي في هذه الدنيا والذي يعطينا في كل مرة دافعا من أجل الاستمرار هو معرفة هدفك ورسالتك في هذه الحياة، أن تعرف ما تمليه عليك نفسك وتفك شيفرة صوتك الداخلي، مهما طالت السنون ومهما طال الطريق، ومهما عشنا من صعوبات وعراقيل تحول دون وصولنا إلى ما نرنو إليه، إلا انه لا بد من المحاولة والمحاولة مرات ومرات طالما الفرصة سانحة. لا بد أن تجعل حلمك حقيقة وواقعا لطالما أردت رؤيته أمامك.

واجه كثير منا صعوبات، كانت الحياة أمام الكثير منا ظالمة، فكان الاستسلام هو النتيجة في أغلب الأحيان، لكن، في الحقيقة، ومع مرور السنين، تجدنا نتحسر وننوح على أكثر الفرص التي وهبتها الحياة من جهة أخرى دون استغلالها، نبكي لأننا أضعنا أحلاما نتيجة كلمة أنقصت من قيمتنا، نتيجة رأي ساهم في انطفاء نار الحماس، بسبب وجهة نظر ظنها البعض مفيدة إلا أنها كانت سببا مباشرا في الاستسلام، فهناك حبيب تركناه في منتصف الطريق بسبب كلام لم نكلف أنفسنا من التحقق منه، وهناك من ترك رحلة تحقيق وظيفة الحلم لذكر زملائه كل الصفات التي تحول دون إعطائه فرصة الثقة بنفسه، وكم منا أراد أن تكون له إضافة وبصمة في هذه الدنيا، فترى محيطه ينقص منه ويرسم جل العراقيل أمامه.

اسأل نفسك قبل أن تستسلم عن السبب الذي يدفعك إلى ذلك؟ هل انقضت الفرص أم انطفأت نار الحماس أم أنك استسلمت فقط لأنك أنت الآخر قد وثقت بضعفك الوهمي؟ ما دام الأمر ممكنا، فاركض من أجل ذلك البصيص من النور، فاركض تجاه ذلك المخرج الضيق الذي أمامك، حاول وإن واجهتك جل العراقيل، حاول وHنت غاض بصرك ومغلق آذانك عن كل ما هو محبط لك، وأنصت في المقابل لجل النصائح التي تزيد من همتك وتزيد من حماسك، كن الوقود الذي تطلق به مركبتك نحو هدفك، كن  النسخة التي لطالما رجوتها ورسمتها في مخيلتك، لا بد أن تعرف الضوء القابع بداخلك، إذ به تستطيع أن تضيء العالم بطريقتك الخاصة فقط.

أخيرا وليس آخرا، واجب علينا أن نغير الطريقة التي عهدنا أن نسأل بها أنفسنا ونحن في رحلة البحث عن حلم تحقق على أرض الواقع، دائما ما نرانا نتساءل هل نستطيع الوصول؟ هل بإمكاننا تحقيق أهدافنا وطموحاتنا؟ لكن السؤال المناسب هو: هل يستحيل تحقيق ذلك الحلم؟ هل يستحيل أن نكون النسخة التي خططتها أذهاننا؟ الجواب لا، لأنه ولو كانت النسبة هي %0.01 إلا أنها تبقى فرصة تستحق المحاولة واستغلالها. إذن صديقي، طالما الفرصة سانحة أمامك فحاول مرات ومرات لتبلغ النسخة الأسمى والأصدق من التي رسمتها مسبقا، وتذكر أنه لا ضير في المحاولة.